هل يعد المصلي في الجهة المقابلة للإمام مما يلي الكعبة مصلياً في الصف الأول ؟

29-07-2014

السؤال 220126


الصفوف القريبة من الكعبة من غير جهة الإمام ، هل لها حكم الصف الأول ؟

الجواب

الحمد لله.


الصف الأول الذي وردت في فضله النصوص وجاء الحث عليه ، هو الصف الذي يلي الإمام .

قال الإمام النووي رحمه الله :
" واعلم أن الصف الأول الممدوح الذي قد وردت الأحاديث بفضله ، والحث عليه : هو الصف الذي يلي الإمام ، سواء جاء صاحبه متقدما أو متأخرا ، وسواء تخلله مقصورة ونحوها أم لا ، هذا هو الصحيح الذي يقتضيه ظواهر الأحاديث ، وصرح به المحققون " .
انتهى من " شرح مسلم للنووي " .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" الصف الأول هو الذي خلف الإمام ، فأول صف يلي الإمام هو الصف الأول ، والذين يصفون عن يمينه وشماله لا يكون لهم ثواب الصف الأول ؛ لأن هذا الموقف – يعني : موقف المأموم عن اليمين وعن الشمال - هو من الأمور الجائزة ، وليس من الأمور المستحبة ، فموقف المأموم وراء الإمام هو السنة بلا شك " انتهى من " لقاء الباب المفتوح " .

فعلى هذا ، فالصف الأول في المسجد الحرام بالنسبة للجهة التي فيها الإمام ، سواء كان الإمام قريباً من الكعبة أو متأخراً عنها ، كأن يصلي الإمام خلف المقام – مثلاً - ، هو الصف الذي خلف الإمام .

وأما بالنسبة للجهات الأخرى التي يستدير فيها المصلون حول الكعبة ، من غير جهة الإمام ، فهؤلاء قد وقع الخلاف ، هل يدركون فضل الصف الأول أو لا ؟ على قولين :

القول الأول : أن من كان قريباً من الكعبة ، وهو في غير جهة الإمام ، فهو مدرك لفضل الصف الأول .

جاء في " فتاوى الرملي " (1/239) : " سئل هل الصف المستدير حول الكعبة ، المتصل بما وراء الإمام : هل يسمى صفا أول ، وكذلك من في غير جهته ، وهو أقرب إلى الكعبة منه ؟

فأجاب رحمه الله : بأن الصف الأول صادق على من ذُكر ، إذا لم يفصل بينه وبين الإمام صف " انتهى .

وجاء في " تحفة الحبيب على شرح الخطيب " (2/134) : " وقال شيخنا م ر ، هو ، أي الصف الأوّل مِن المستديرين : الأقرب إلى الكعبة ، في غير جهة الإمام . ا هـ " انتهى .

وقال الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي حفظه الله : " فإنه يرد السؤال : هل العبرة في الصف الأول بمن يلي الإمام من حدِّه ، دائراً على الكعبة ؟ أم العبرة في الصف الأول في غير جهة الإمام ، بمن كان أقرب للكعبة ؟
وجهان للعلماء : أصحهما وأقواهما : أن من كان أقرب للكعبة ، فإنه هو الصف الأول ؛ لأنه لما أُذِن بالشرع بتقدمهم ، فإنه يعتبر صفهم هو الأول ، ولا يستقيم أن يُقال عن صف : إنه الصف الأول ، وقد تقدم عليه غيره ؛ لأن الوصف لا يتحقق ، لقوله عليه الصلاة والسلام : ( لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ) .

فالصف الأول من غير جهة الإمام الذي أذن به الشرع : هو أقرب الصفوف إلى الكعبة ، فكما أن الصف الأول من جهة الإمام أقربها إليه ، كذلك من غيرها : الصف الأول أقربها إلى الكعبة ، وهو أولى الأقوال وأقواها إن شاء الله تعالى " انتهى من " شرح الزاد للشنقيطي " .

والقول الثاني في المسألة : أن الصف الأول هو الصف الذي يلي الإمام في جهة الإمام ، وما اتصل بذلك الصف من الجهات الأخرى .
وعليه : فالمتقدم من الصفوف من الجهات الأخرى إلى الكعبة : إذا لم يكن متصلاً بالصف الذي يلي الإمام ، فلا يعد داخلاً في الصف الأول .
قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله : " والصف الأول في غير جهة الإمام ، ما اتصل بالصف الذي وراء الإمام ، لا ما قرب للكعبة " انتهى من " تحفة المحتاج في شرح المنهاج " (8/154).

وقال البهوتي ، رحمه الله :
" وإن وقفوا حول الكعبة مستديرين : صحت ، فإن كان المأموم في جهته أقرب من الإمام في جهته : جاز إن لم يكونا في جهة واحدة " انتهى .
قال ابن قاسم في "حاشيته" :
" كما فعله ابن الزبير، وأجمعوا عليه ، ولا يضر تقدم المأموم حيث كان في الجهة المقابلة للإمام لأنه في غير جهته ، ولا يتحقق تقدمه عليه ، وقال في الفروع : يجوز تقديم المأموم في جهتين وفاقًا .
والصف الأول حينئذ ، في غير جهة الإمام : هو ما اتصل بالصف الأول الذي وراء الإمام ، لا ما قرب من الكعبة " انتهى من "الروض المربع ، وحاشية ابن قاسم " (2/335) .

وجاء في " مجموع فتاوى ابن عثيمين " (13/21) : " يسأل كثير من الناس أين الصف الأول في المسجد الحرام ؟
فأجاب رحمه الله : " الأول ما كان خلف الإمام ، ونمشي حتى ندور كل الكعبة ، أما من كان على يمين الإمام أو يساره ، فإن له حكم الصلاة على يمين الإمام وعلى يساره " انتهى .

وقال رحمه الله – أيضاً - : " الصف الأول هو الذي خلف الإمام ، ودائرته هي الصف الأول . وعلى هذا فما بين يدي هذا الصف مع الجهات الأخرى لا يعتبر الصف الأول " .
انتهى من " مجموع فتاوى ابن عثيمين " (13/41) .

والله أعلم .

أحكام المساجد
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب