الحمد لله.
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : العفو عن يسير الشعر ، إذا ظهر من المرأة في الصلاة ، دون الكثير .
فقد سئل عَنْ الْمَرْأَةِ إذَا ظَهَرَ شَيْءٌ مِنْ شَعْرِهَا فِي الصَّلَاةِ هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهَا أَمْ لَا؟
فَأَجَابَ رحمه الله :
" إذَا انْكَشَفَ شَيْءٌ يَسِيرٌ مِنْ شَعْرِهَا وَبَدَنِهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا الْإِعَادَةُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد، وَإِنْ انْكَشَفَ شَيْءٌ كَثِيرٌ أَعَادَتْ الصَّلَاةَ فِي الْوَقْتِ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (22/ 123) .
ثانيا:
لا فرق في ذلك بين صلاة الفرض وصلاة النفل ، لعدم الدليل على الفرق .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" الأصل : أن ما ثَبَتَ في النَّفْل ، ثَبَتَ في الفرض؛ إلا بدليل .
ويدلُّ لهذا الأصل : أن الصَّحابة رضي الله عنهم لما حَكَوا أنَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يُوتِرُ على راحلته قالوا : (غير أنه لا يُصلِّي عليها المكتوبةَ) متفق عليه ، فلما حَكَوا أنه يوتر، ثم قالوا : (غير أنَّه لا يُصلِّي عليها المكتوبة) ، دَلَّ ذلك على أنَّ المعلومَ : أنَّ ما ثَبَتَ في النَّفل ثبتَ في الفرض " انتهى من " الشرح الممتع على زاد المستقنع " (3/ 73) .
ولم يذكر أحد من أهل العلم ، فيما نعلم ، فرقا بين صلاة الفريضة وصلاة النافلة ، في ذلك ، بل مقتضى الإجماع المنقول سابقا : أن ذلك في عموم الصلاة .
ثالثا :
وأما سجود الشكر ، وسجود التلاوة : هل لهما حكم صلاة النافلة ، في الطهارة ، وستر العورة ، وسائر الأحكام ، أو ليس لهما حكمها ؟
فيه خلاف بين أهل العلم ، على قولين .
ولا شك أن الأحوط أن يراعى فيه شروط الصلاة ، عند القدرة على ذلك ، لقوة الخلاف في المسألة ؛ بل قال ابن قدامة رحمه الله :
" يُشْتَرَطُ لِلسُّجُودِ مَا يُشْتَرَطُ لِصَلَاةِ النَّافِلَةِ ؛ مِنْ الطَّهَارَتَيْنِ مِنْ الْحَدَثِ وَالنَّجَسِ ، وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ ، وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ ، وَالنِّيَّةِ .
وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا ؛ إلَّا مَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْحَائِضِ تَسْمَعُ السَّجْدَةَ ، تُومِئُ بِرَأْسِهَا . وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ، قَالَ ، وَيَقُولُ : اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ . وَعَنْ الشَّعْبِيِّ فِي مَنْ سَمِعَ السَّجْدَةَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ يَسْجُدُ حَيْثُ كَانَ وَجْهُهُ . " انتهى من "المغني" (1/444) .
وينظر : "المجموع شرح المهذب" للنووي (4/63) ، "الموسوعة الفقهية الكويتية" (24/214-215) .
واختار بعض أهل العلم : أن سجود التلاوة ليس بصلاة ، ولا يشترط له ، ما يشترط في الصلاة : من الطهارة ، وستر العورة ، واستقبال القبلة .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" الصحيح أن سجود الشكر لا تشترط له الطهارة ، بل هو مثل سجود التلاوة ، لا مانع من السجود وإن كان على غير طهارة ، وهكذا سجود الشكر ليس له شرط الطهارة، فيسجد وإن كان على غير طهارة ؛ لأنه ليس من جنس الصلاة ، بل هو ذل لله واستكانة وعبادة له سبحانه من جنس الذكر ، ومن جنس التسبيح والتهليل ، ومن جنس قراءة القرآن " انتهى ملخصا من "فتاوى نور على الدرب" (10/ 463-464) .
وهذا القول : هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : وهو الصواب .
ينظر: "الشرح الممتع" (4/89-90) .
وينظر أيضا : جواب السؤال رقم : (4908) .
والله تعالى أعلم .