هل يمكن ترتيب أهوال القيامة كيف ستكون: البعث، ثم انتظار 50 ألف سنة، الورود على الحوض، الحشر، العرض، الحساب، دخول الكفار في النار، مرور المسلمين والمنافقين على الصراط، قصاص العباد من العباد، جنة. والذي يقع في النار عند المرور على الصراط قد يكون منافق يخلد في جهنم للأبد، أو مسلم عاصي يعذب على قدر ذنوبه. هل صحيح هذا الترتيب؟ وسمعت من شيخ أن عند الموت يقعد شيطانان يتمثلان على هيئة أبيه وأمه، فيأمرانه باتباع اليهودية والنصرانية، هل صح هذا الحديث؟
أحداث يوم القيامة بالترتيب:
الحمد لله.
" الذي قرَّرَهُ المحققون من أهل العلم أنَّ ترتيب ما يحصل يوم القيامة كالتالي:
لا نعلم حديثا صحيحا في أن الرجل عند الموت يقعد له شيطانان يتمثلان على هيئة أبويه فيأمرانه باتباع اليهودية والنصرانية.
أما قول القرطبي رحمه الله في "التذكرة" (ص 185):
" روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أن العبد إذا كان عند الموت قعد عنده شيطانان: الواحد عن يمينه، والآخر عن شماله، فالذي عن يمينه على صفة أبيه، يقول له: يا بني إني كنت عليك شفيقاً ولك محباً، ولكن مت على دين النصارى فهو خير الأديان، والذي على شماله على صفة أمه، تقول له: يا بني إنه كان بطني لك وعاء، وثديي لك سقاء، وفخذي لك وطاء، ولكن مت على دين اليهود وهو خير الأديان)، ذكره أبو الحسن القابسي في شرح رسالة ابن أبي زيد له، وذكر معناه أبو حامد في كتاب كشف علوم الآخرة " انتهى.
فهذا: لا نعلم له أصلا؛ فلا يحتج به.
ولكن قد يعرض الشيطان لابن آدم عند موته، فيأتيه بمثل هذا وغيره ليضله، فقد روى أبو داود (1552)، والنسائي (5531) عَنْ أَبِي الْيَسَرِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَدْمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ التَّرَدِّي، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْغَرَقِ، وَالْحَرَقِ، وَالْهَرَمِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَتَخَبَّطَنِي الشَّيْطَانُ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ فِي سَبِيلِكَ مُدْبِرًا، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ لَدِيغًا وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
قال الخطابي رحمه الله:
" استعاذته من تخبط الشيطان عند الموت: هو أن يستولي عليه الشيطان عند مفارقة الدنيا فيضله، ويحول بينه وبين التوبة، أو يعوقه عن إصلاح شأنه، والخروج من مظلمة تكون قِبَله، أو يؤيسه من رحمة الله، أو يتكره الموت ويتأسف على حياة الدنيا، فلا يرضى بما قضاه الله من الفناء والنُّقلة إلى الدار الآخرة، فيختم له بالسوء، ويلقى الله وهو ساخط عليه.
وقد روي أن الشيطان لا يكون في حال أشد على ابن آدم منه في حال الموت، يقول لأعوانه: دونكم هذا؛ فإنه إن فاتكم اليوم، لم تلحقوه" انتهى من "معالم السنن" (1/ 296)، وينظر: "التذكرة" (ص 185).
قال صالح بن الإمام أحمد: " حضرت أبي الوفاة، فجلست عنده وبيدي الخرقة، لأشد بها لحيته، فجعل يعرق، ثم يضيق، ويفتح عينيه ويقول بيده هكذا: لا بعد، لا بعد، ثلاث مرات !!
فقلت: يا أبت إيش هذا الذي قد لهجت به فِي هذا الوقت؟
قَالَ: يا بني ما تدري؟
قلت: لا.
قَالَ: " إبليس لعنه اللَّه، قائم بحذائي عاضا عَلَى أنامله، يقول: يا أَحْمَد فتّني ! فأقول: لا؛ حتى أموت !!". انتهى من "طبقات الحنابلة" (1/ 175).
وقال القرطبي:
" سمعت شيخنا الإمام أبا العباس أحمد بن عمر القرطبي بثغر الإسكندرية يقول: حضرت أخا شيخنا أبي جعفر أحمد بن محمد بن محمد القرطبي بقرطبة وقد احتضر. فقيل له: قل: لا إله إلا الله، فكان يقول: لا، لا.
فلما أفاق ذكرنا له ذلك؟
فقال: أتاني شيطانان عن يميني وعن شمالي، يقول أحدهما: مت يهودياً فإنه خير الأديان، والآخر يقول: مت نصرانياً فإنه خير الأديان.
فكنت أقول لهما: لا لا. فكان الجواب لهما، لا لكما.
قلت: ومثل هذا عن الصالحين كثير، يكون الجواب للشيطان، لا لمن يلقنه الشهادة " انتهى من "التذكرة" (ص 187).
والله تعالى أعلم.