الحمد لله.
ما فعلته زوجك من خروجها من البيت لمقابلة صديقتها دون إذن منك اعتمادا على الإذن
الأول لا يقع معه طلاق ؛ لأنها قد خرجت متاولة أنها خرجت بإذن ، والراجح من كلام
أهل العلم - رحمهم الله تعالى - أن فعل المحلوف عليه متأولاً لا يقع به حنث ، قال
شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – " قَدْ يَفْعَلُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ
نَاسِيًا أَوْ مُتَأَوِّلًا ، ...... فَهَذِهِ الْأَقْسَامُ لَا يَقَعُ بِهَا
الطَّلَاقُ عَلَى الْأَقْوَى " انتهى من "الفتاوى الكبرى" لابن تيمية (3 /
222).
بل جعل ابن القيم رحمه الله المتأول أولى بعدم الحنث من الجاهل والناسي ، فقال رحمه
الله : " فَإِنَّهُ إنَّمَا فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ مُتَأَوِّلًا مُقَلِّدًا
ظَانًّا أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِهِ ، فَهُوَ أَوْلَى بِعَدَمِ الْحِنْثِ مِنْ
الْجَاهِلِ وَالنَّاسِي" انتهى من "إعلام الموقعين عن رب العالمين" (4 / 68).
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء عمن حلف بالطلاق على امرأته أنها لا تطلب منه
أن يذهب بابنه إلى الطبيب مرة ثانية ، فطلبت منه ذلك وهي ناسية كلامه السابق ، ونسي
هو أيضا فذهب به إلى الطبيب ، فماذا يترتب عليه ؟
فأجابوا : "اختلفت الروايات في المذهب عن الإمام أحمد فيمن فعل ناسياً ما حلف
بالطلاق ألا يفعله : وأقوى الروايات دليلاً : عدم حنثه بما فعله ناسياً ، وأن يمينه
باقية ، وهذا قول عطاء وعمرو بن دينار وابن أبي نجيح وإسحاق وابن المنذر وهو ظاهر
مذهب الشافعي وقدمه في ( الخلاصة ) ، قال في ( الفروع ) : وهذا أظهر . قال في
الإنصاف : وهو الصواب ، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ؛ لقوله تعالى: ( وَلَيْسَ
عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ
) الأحزاب/5، ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله تجاوز لأمتي عن الخطأ والنسيان
وما استكرهوا عليه ) ، ولأنه غير قاصد للمخالفة ، فلم يحنث ؛ كالنائم والمجنون .
وعليه فلا يترتب على السائل والحال ما ذكره من النسيان منه ومن زوجته – حنث ، ولا
تزال يمينه باقية . وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم".
انتهى .
الشيخ عبد الرزاق عفيفي... الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... الشيخ عبد
الله بن سليمان بن منيع .
انتهى من "فتاوى اللجنة
الدائمة" (20/111-112) .
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله عمن علق طلاق امرأته على شيء فعلته ناسية .
فأجاب : " الطلاق المذكور لم يقع ، وزوجته المذكورة باقية في عصمته لكونها فعلت
المعلق عليها ناسية ، وقد قال الله سبحانه : ( رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ
نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ) فقال الله سبحانه : قد فعلت ، كما صح بذلك الخبر عن
النبي صلى الله عليه وسلم ، والأصح من أقوال العلماء أن المحلوف عليه إذا فعل الشرط
ناسياً أو جاهلاً فإنه لا يقع ما علق عليه " .
انتهى
من "فتاوى الشيخ ابن باز"
(22/44-46) .
وعلى هذا ، فإن الطلاق لم يقع على زوجتك بخروجها ويبقى تعليق الطلاق منعقدا لم ينحل
.
والله أعلم.