الحمد لله.
ثانياً:
الواجب عليك أن تتحلي بالحكمة في التعامل مع هذه المشكلة المعقدة ، فإن غلب على ظنك
أن والدك سينتفع بكلامك المباشر ، فكلميه في ذلك ، وبيني له حرمة ما يفعل .
وإلا ، فاجتهدي في توصيل ذلك الأمر إليه ، بطرق غير مباشرة ، مثل تشغيل مقطع يسمع
عن حكم التدخين في نهار رمضان ، وأنه من المفطرات ، أو ضعي أمامه فتوى مكتوبة في
بيان ذلك ، وفي تعظيم شهر رمضان ، وخطر تعدي حرمته .
وإن غلب على ظنك حصول مفسدة أكبر من الكلام معه ، فلا تستعجلي بمفاتحته ، إلى أن
تحين الفرصة الملائمة إلى ذلك .
ومثل هذا من الأمور المحرمة المعلومة عند الناس ، ولا شك أن العلم بتحريمها مستقر
في نفسه ، وإلا لما استخفى به ؛ فليست القضية قضية بيان لأمر يجهله ، أو إقامة
للحجة عليه ، فهي قائمة أصلا من غير كلامك ونصحك ؛ فلم يبق هنا إلا أن تقدري أنت
الأمر من جوانبه المختلفة ، التي تعرفينها أنت أكثر من غيرك ، بحكم معرفتك بوالدك ،
وطبيعته ؛ ثم توازني بين مصلحة الكلام معه ، وما يتوقع من المفاسد والأضرار عليك ،
أو على الأسرة من جراء ذلك .
فإن خشيت مضرة ، أو مفسدة غالبة من ذلك ، فلا يلزمك أمره ولا نهيه ، ولا نصحه ولا
وعظه أصلا ، ويبقى واجبك نحوه : في الدعاء له بالهداية والصلاح ، وتحين الفرص
المناسبة لنصحه ووعظه ، ولو بصورة عامة ، وغير مباشرة .
واحذري كل الحذر من مراقبته
أو التجسس عليه ، فإن ذلك لا يجوز ، إضافة إلى أنه إن أحس منك بذلك فإن ذلك سيؤدي
إلى نفوره وعدم قبوله النصيحة ، وقد سبق بيان كيفية دعوة المسلمين للالتزام بصوم
شهر رمضان ، فليراجع ذلك في الفتوى رقم : (50745).
والله أعلم.