أهلها يمنعون رؤية الخاطب وتشعر بالنفور منه لخشيتها أن يكون قبيحا

19-11-2014

السؤال 221940


أنا فتاة عندي 23 سنة ، تقدم لي شاب من معارفي ، قيل لي : إنه صالح ، وطيب القلب ، وهذا ما أتمناه ، لكن ما يؤرقني أنني قد أظلم هذا الشاب معي ، فما أعرفه عن هذه العائلة أنهم على قدر متوسط من الوسامة ، وفيهم القبيح لا استهزاء لخلق الله ، لكن هذا الأمر جعلني أنفر عن الموافقة في البداية وأمي غضبت علي ولم تكلمني أبدا واستعادت ذكريات لخاطب سابق كان صالحا لكني نفرت لذات السبب ، وغضب مني أبي لدرجة أنه ضربني ، وبعدها قدر الله أن يصاب بالسرطان ويتوفى ، علما أن أبي كان رجلا صالحا لكن لا أعلم سبب ردة فعله تلك ، وخفت أن يتكرر الأمر مع أمي ، ولا أريد إعادة تجربتي الأولى ، وبعد شهر من الهم والأفكار والاستخارة وافقت هربا من واقع إعادة الماضي ، فكم من مرة أنبني ضميري أن أبي رحل وهو غاضب علي ، علما أني فتاة صالحة وأريد أن أتزوج وأستقر ، وهذا الخوف أن شكل خاطبي سيكون قبيحا علما أن عائلتي تمنع منعا باتا الرؤية الشرعية ، وحاولت البحث عن طريقة لأعرف شكله في مواقع التواصل الاجتماعي فلم أفلح ، وحاليا أدعو الله في سجودي أن يصرفه عني بتدبيره وقدرته ، فأنا لا أستطيع أن أصرح بنفوري منه لأهلي وخصوصا أمي ، فأمي ليست كأبي فهي إن غضب تغضب ولا تسامح ، وأنا قبل أن أوافق عليه غضبت علي ولم ترضى إلا بعد موافقتي ، وأنا شابة في بداية حياتي لا أريد أن تغضب علي أمي ، وأتعثر في حياتي . أفتوني هل في دعائي تعدي أو ظلم ؟ وهل ما فعلته صحيح ؟ وهل نفوري طبيعي علما أنني لا أبحث عن رجل بوسامة أهل الفن ، بل أريد من أرتاح له عندما أنظر إليه ، ولا أنفر منه فكل من اشتكيت له يتهمني أنني أبحث عن وسامة أهل الفن الذين أحتقرهم .

الجواب

الحمد لله.


لا شك أن قبول " الشكل" والمنظر ، من العوامل المهمة في إلقاء القبول والوفاق بين الزوجين ، ولذلك شرع الله لعباده النظر ، لأجل الخطبة ؛ فعَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ : " خَطَبْتُ امْرَأَةً عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَنَظَرْتَ إِلَيْهَا ؟ ) ، قُلْتُ : لَا ، قَالَ : ( فَانْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا ) .
رواه الترمذي (1087) ، والنسائي (3235) وغيرهما ، صححه الألباني في "صحيح الجامع" (859) .
فالنظر ، والقبول الأولي بين الخطيبين : هو من أسباب إلقاء الألفة والمودة بينهما .
ومثل هذا يمكن أن يحصل لك ، أو للخاطب بأسباب كثيرة ؛ فبإمكانك مثلا أن تنظري إليه من خلف بعض الأبواب أثناء دخوله عندكم ، أو تختفي في مكان بحيث ترينه في دخوله ، وخروجه ، ومثل هذا يكفي كثيرا في القبول المبدئي للشكل .
وقد كان بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك :
فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمْ الْمَرْأَةَ فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ ) .
قَالَ : فَخَطَبْتُ جَارِيَةً ، فَكُنْتُ أَتَخَبَّأُ لَهَا حَتَّى رَأَيْتُ مِنْهَا مَا دَعَانِي إِلَى نِكَاحِهَا ، وَتَزَوُّجِهَا فَتَزَوَّجْتُهَا " رواه أبو داود (2082) ، وحسنه الألباني في "إرواء الغليل" (1791) .
وهذا كله إذا كان المراد الحصول على الانطباع المبدئي العام ، الذي يكفي في مثل ذلك عادة ، كما تدل عليه مثل هذه النصوص ، وتعذر الوضع المنتظم للرؤية ، بأن يدخل الخاطب البيت ، وتدخل عليه العروس ، لينظر كل منهما إلى الآخر ، ثم يكون قرارهما بعد ذلك .
فإذا أمكنك أن تقنعي الوالدة بذلك ، أو يقنعها بعض من عندكم ممن تثق هي فيه : فلا شك أن هذا خير وأفضل .
وإن لم يمكن ذلك ، فتحيلي إلى رؤيته بما ذكرنا ، أو نحوه من وسائل إتاحة النظر إلى ذلك الخاطب ، ولو أن يكون ذلك بطلب منه ، فإن له حقا في مثل هذه الرؤية ، كما لك حق فيها .
لكننا على أية حال : لا نوافقك على الاستسلام للشعور بالنفور ، وأنت لم يحصل لك الرؤية التي تنتج ذلك النفور أو القبول ، فعلي أي شيء بنيت "شعور بالنفور" ؟
إننا نفهم : ألا يكون هناك انجذاب ، ألا يكون هناك قرار ، ألا يكون هناك شعور ... ؛ أما أن يكون هناك نفور ، وأنت لم تري شكله ، فإننا نخشى عليك أن تستسلمي إلى شعور مرضي ، لا أساس له من الصحة ، ولا مبرر له ، ومثل هذا سوف يجني عليك كثيرا في حياتك .
وبناء على ذلك : فنحن لا نوافقك على الدعاء بأن يصرفه الله عنك ، هكذا صرفا مطلقا ، بل الأولى في حقك في مثل ذلك : هو دعاء الله أن يجمع بينك وبينه على خير، وأن يلقي المودة والسكن بينكما ، إن كان في زواجك به خير .
وإن لم يكن في زواجك به خير : أن يصرفه الله عنك بحوله وطوله .
وعلى كل حال : فإذا تعذر قبولك له ، أو قبولك لهذا الوضع ، فلا ننصحك بإتمام زواج ، أنت نافرة منه أساسا ، شريطة أن تكوني معتدلة حقا فيما تطلبين .
وإذا لم يكن أمامك مفر من المصارحة لأمك ، أو أهلك ، فافعلي ، فهو خير لك من أن تقدمي على المخاطرة بمستقبلك مع زوجك ، وربما ظلمت نفسك بذلك ، أو ظلمتيه معك .
يسر الله لك أمرك ، ووفقك لما فيه خير الدنيا والآخرة .
والله أعلم .
مشكلات نفسية
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب