راجع زوجته وجامعها في العدة دون علم أهلها ، ثم أراد منها أن تبقى في بيت أهلها
طلقني زوجي طلقة واحدة ، وخلال فترة العدة حدث جماع بيني وبين زوجي دون علم أهلنا بذلك ، حيث كنا قد قررنا العودة لبعضنا وإخبار الجميع بذلك ، ولكن بعدها وفي أثناء فترة العدة غير زوجي رأيه بحجة أن الأمر معقد ، وأنه سعيد بهذا الوضع ، حيث يريد أن نبقى على علاقة حميمة دون أن يعلم أحد بعودة علاقتنا إلى سابق عهدها بينما أكون في بيت أهلي ، حاولت إقناع زوجي أن يخبر الجميع بعودتي زوجة له ، ولكن انتهت العدة دون أن يفعل ذلك مع العلم أن أصدقائنا على علم بما حصل بيننا ، فهل يعني ذلك أنه راجعني وأنني زوجته ؟
لا تعلم عائلتي شيئا حول هذا الموضوع ، وبدأ الجميع ينصحني في المضي قدما بحياتي والزواج من رجل آخر ، في الحقيقة أشعر أن زوجي قد استغلني وخذلني ، مع العلم أنه لدينا طفل ، فما هي نصيحتكم لي ؟
مع العلم أننا لم نتحدث معا منذ انتهاء فترة العدة ، منذ قرابة الشهر والنصف ، وهو الآن يرفض تطليقي ، وأنا لا استطيع التحدث مع أحد حول هذا الموضوع ، فضلاً أننا لا نقوم بالحقوق الزوجية كالرعاية والنفقة للطفل والتواصل منذ انتهاء فترة العدة .
الجواب
الحمد لله.
ذكرت أنك وزوجك قد قررتما الرجوع لبعض وإخبار الجميع بذلك ، فهذا الاتفاق اللفظي هو
رجعة ، وقد تأكد ذلك بالفعل (الجماع) .
وبهذا تكون حصلت الرجعة بلا خلاف بين العلماء ، وقد أمر الله تعالى بالإشهاد على
الرجعة حتى لا يحصل بعد ذلك إنكار للطلاق أو إنكار للرجعة ، فقال عز وجل : (فَإِذَا
بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ
وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ) الطلاق/2 .
وقد ذكرت أن بعض أصدقائكم على علم بما حصل ، فإن كانوا قد علموا بذلك من الزوج فقد
حصل المقصود وهو الإشهاد على الرجعة .
ثانيا :
قولك : ( وفي أثناء فترة العدة غير زوجي رأيه ... إلخ) .
إن كان قصدك أن الزوج يريدك أن تبقي زوجة له ، ولكن تكونين عند أهلك ولا تجتمعان في
بيت واحد مع استمرار العلاقة الحميمية بينكما . فهذا فيه ظلم لك .
لأن الواجب على الزوج أن يعامل زوجته معاملة حسنة ، ولا يسيء إليها ، وإذا طلق
الرجل زوجته فإما أن يعيدها إلى عصمته بالمعروف ، أو يتركها حتى تنقضي عدتها
ويعطيها حقوقها كاملة .
قال الله تعالى :( الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ
بِإِحْسَانٍ ) البقرة /229.
وقال الله تعالى : ( وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ
فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ
ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوا وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) البقرة
/231.
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى :
" ( فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ) أي : إما أن
تراجعوهن ونيتكم القيام بحقوقهن ، أو تتركوهن بلا رجعة ولا إضرار ، ولهذا قال : (
وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا ) أي: مضارة بهن ( لِّتَعْتَدُوا ) في فعلكم هذا
الحلال إلى الحرام ، فالحلال : الإمساك بمعروف ، والحرام: المضارة " انتهى من "
تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان " ( ص 103 ) .
والذي فعله زوجك هو إمساك بغير المعروف ، ويسبب الضرر لك ، ثم إخفاء ذلك عن أهلك
يوقعك في حرج آخر ، لأنهم يطلبون منك أن تتزوجي مع أنك في واقع الأمر لا زلت زوجة
لزوجك .
وبناء على هذا ، لابد من التفاهم مع الزوج ونصحه أنه لابد أن يعلن أنه راجعك ،
ويتمسك بك زوجة له ، ويشهد على ذلك أصدقاؤكم الذين علموا بمراجعته لك .
ثم بعد ذلك إن أراد أن يمسكك بالمعروف فلا مانع من ذلك ، وإن غير رأيه فإنه يطلقك
طلقة أخرى ، ولا يجوز له أن يتركك على هذا الوضع لما يسببه لك من الضرر .
والله أعلم .