الحمد لله.
فقد روى البخاري (912) عن
السائب بن يزيد رضي الله عنهما قال : كَانَ النِّدَاءُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
أَوَّلُهُ ، إِذَا جَلَسَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ ، عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا ، فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَكَثُرَ النَّاسُ ،
زَادَ النِّدَاءَ الثَّالِثَ عَلَى الزَّوْرَاءِ .
وسمّى الأذان الذي زاده
عثمان ثالثا ، باعتبار أنه زاده على الأذان والإقامة ، والإقامة يطلق عليها أذان في
لسان الشرع .
قال ابن عاشور رحمه الله :
" وَقَالَ فِي الْأَحْكَامِ : « وَسَمَّاهُ فِي الْحَدِيثِ ( أَيْ حَدِيثِ
السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ ) ثَالِثًا ؛ لِأَنَّهُ إِضَافَةٌ إِلَى الْإِقَامَةِ ،
فَجَعَلَهُ ثَالِثَ الْإِقَامَةِ ، ( أَيْ : لِأَنَّهُ أَحْدَثَ بَعْدَ أَنْ
كَانَتِ الْإِقَامَةُ مَشْرُوعَةً وَسَمَّى الْإِقَامَةَ أَذَانًا مُشَاكَلَةً ،
أَوْ لِأَنَّهَا إِيذَانٌ بِالدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ ) ، كَمَا قَالَ النبي
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ لِمَنْ
شَاءَ ) يَعْنِي بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ ، فَتَوَهَّمَ النَّاسُ أَنَّهُ
أَذَانٌ أَصْلِيٌّ ، فَجَعَلُوا الْأَذَانَاتِ ثَلَاثَةً فَكَانَ وَهْمًا . ثُمَّ
جَمَعُوهُمْ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ ؛ فَكَانَ وَهْمًا عَلَى وَهْمٍ اه .
فَتَوَهَّمَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْأَمْصَارِ أَنَّ الْأَذَانَ لِصَّلَاةِ
الْجُمُعَةِ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ ؛ لِهَذَا تَرَاهُمْ يُؤَذِّنُونَ فِي جَوَامِعِ
تُونِسَ ثَلَاثَةَ أَذَانَاتٍ وَهُوَ بِدْعَةٌ .
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْعَارِضَةِ : فَأَمَّا بِالْمَغْرِبِ ( أَيْ
بِلَادِ الْمَغْرِبِ ) فَيُؤَذِّنُ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْمُؤَذِّنِينَ لجهل
الْمُفْتِينَ " انتهى من " التحرير والتنوير " (28/225) .
وعليه : فإذا كان المراد بالسؤال : الأذان للجمعة ، ثلاث مرات ، سوى إقامة الصلاة ، كما هو الحال في بلاد المغرب ، فهو بدعة ، لا أصل لها ، كما نبه على ذلك علماء المالكية أنفسهم .
وينظر للفائدة جواب السؤال
رقم : (148205) ، وجواب السؤال رقم : (100225)
.
والله أعلم .