الحمد لله.
وروى ابن إسحاق في "السيرة"
(ص 92):
حدثني عاصم بن عمر بن قتادة قال: حدثني من سمع عمر بن عبد العزيز، وحدث هذا من حديث
سلمان ، فقال: " حدثت عن سلمان أن صاحب عمورية قال لسلمان، حين حضرته الوفاة: ائت
غيضيتين من أرض الشام فإن رجلاً يخرج من إحداهما إلى الأخرى في كل سنة ليلة ،
يعترضه ذوو الأسقام ، فلا يدعو لأحد به مرض إلا شفي، فسله عن هذا الدين الذي تسلني
عنه ، عن الحنيفية دين إبراهيم ، قال: فخرجت حتى أقمت بها سنة ، حتى خرج تلك الليلة
من إحدى الغيضيتين إلى الأخرى ، وإنما كان يخرج مستجيزا ، فخرج وغلبني عليه الناس
حتى دخل في الغيضة التي يدخل فيها حتى ما بقي إلا منكبه ، فأخذت به فقلت : رحمك
الله أخبرني عن الحنيفية دين إبراهيم ؟ فقال: إنك لتسأل عن شيء ما يسأل عنه الناس
اليوم ، قد أظلك زمان نبي يخرج عند هذا البيت ، بهذا الحرم ، يبعث بسفك الدم ، فلما
ذكر ذلك سلمان لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لئن كنت صدقت يا سلمان لقد
رأيت عيسى بن مريم عليه السلام)
وفيه أن الذي أخبر سلمان بصفة النبي صلى الله عليه وسلم وبشره به هو عيسى ابن مريم
عليه السلام .
ولكن هذا الحديث منكر ، وإسناده ضعيف لجهالة راويه عن عمر بن عبد العزيز ، وجهالة
من رواه عنه عمر .
والصحيح المعتمد : رواية ابن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري، عن محمود بن
لبيد، عن عبد الله بن عباس ، وقد ذكرناها بتمامها في إجابة السؤال رقم : (88651)
.
ثانيا :
عرف الراهب بقرب مبعث النبي صلى الله عليه وسلم وصفته بما علمه من الكتب المتقدمة ،
فقد جاء ذكر ووصف النبي صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل ، كما بيناه في
جواب السؤال رقم : (44018).
وروى البخاري (2125) عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: " لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّوْرَاةِ ؟ ، قَالَ : " أَجَلْ ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي القُرْآنِ: ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ) ، وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ ، أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي ، سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ ، لَيْسَ بِفَظٍّ ، وَلاَ غَلِيظٍ ، وَلاَ سَخَّابٍ فِي الأَسْوَاقِ ، وَلاَ يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ، وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ المِلَّةَ العَوْجَاءَ، بِأَنْ يَقُولُوا: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا، وَآذَانًا صُمًّا، وَقُلُوبًا غُلْفًا ) .
والله أعلم .