الحمد لله.
وهذا كما حزن النبي صلى الله
عليه وسلم على أمه وبكى عليها ، كما روى مسلم (976) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ
: " زَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْرَ أُمِّهِ ، فَبَكَى
وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ ، فَقَالَ : ( اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي أَنْ أَسْتَغْفِرَ
لَهَا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي ، وَاسْتَأْذَنْتُهُ فِي أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا
فَأُذِنَ لِي ، فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْمَوْتَ ) .
ورواه ابن أبي شيبة (11808) عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ،
قَالَ : " لَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ
أَتَى حَرَمَ قَبْرٍ فَجَلَسَ إِلَيْهِ ، فَجَعَلَ كَهَيْئَةِ الْمُخَاطِبِ ،
وَجَلَسَ النَّاسُ حَوْلَهُ فَقَامَ ، وَهُوَ يَبْكِي فَتَلَقَّاهُ عُمَرُ ،
وَكَانَ مِنْ أَجْرَأِ النَّاسِ عَلَيْهِ فَقَالَ : بِأَبِي أَنْتَ ، وَأُمِّي يَا
رَسُولُ اللَّهِ مَا الَّذِي أَبْكَاكَ ؟ قَالَ : (هَذَا قَبْرُ أُمِّي سَأَلْتُ
رَبِّي الزِّيَارَةَ فَأَذِنَ لِي ، وَسَأَلْتُهُ الِاسْتِغْفَارَ فَلَمْ يَأْذَنْ
لِي فَذَكَرْتُهَا فَذَرَفَتْ نَفْسِي فَبَكَيْتُ) قَالَ: فَلَمْ يَرَ يَوْمًا
كَانَ أَكْثَرَ بَاكِيًا مِنْهُ يَوْمَئِذٍ " .
وصححه الألباني في "الإرواء" (3/225).
وكما حزن صلى الله عليه وسلم على موت عمه على الكفر ، وكان يرجو إسلامه ، وكان يدعو الله له ، حتى نُهي عن ذلك .
وأما إذا كان الحزن عليه منافيا للبراءة من المشركين ، أو مخلا بما تقتضيه من البراءة من المشركين ودينهم ، وبغض ما هم عليه من الكفر بالله ، أو التهوين من كفرهم برب العالمين وإشراكهم به ، أو اعتقاد أن ما عملوا من حسنة في الدنيا ، يشفع لكفرهم ، أو نحو ذلك من الاعتقادات الفاسدة : فهذا حزن محرم باطل ، وهو خلل في عقيدة الولاء والبراء وما تقتضيه .
وقد سبق في جواب السؤال رقم : (154727) أن الفرح بمهلك أعداء الإسلام ، وأهل البدع المغلظة ، وأهل المجاهرة بالفجور أمر مشروع .
وينظر جواب السؤال رقم : (6020)
، (109204) .
والله تعالى أعلم .