الحمد لله.
أولا :
من المتوقع أن تقع بعض المشكلات بين الزوجين في الشهور الأولى للزواج ، ثم ينبغي أن
تقل هذه المشكلات تدريجيا ، حتى تتلاشى ، وذلك يحتاج إلى تعقل وتحمل وصبر من
الطرفين .
ثانيا :
أما بخصوص ما تذكرينه عن زوجك فإن عليه أن يتحلى بمزيد من الصبر ، وليعتبر هذا من
أنواع الابتلاء التي يبتلي الله بها العباد ، فمن صبر ورضي كُفِّرت عنه خطاياه ،
وزاده الله من فضله أجرا عظيما ، كما قال تعالى : ( إِنَّمَا يُوَفَّى
الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) الزمر/10،
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاءِ ،
وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاهُمْ ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ
الرِّضَا ، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ ) حسنه الألباني في " صحيح الترمذي " (
2396 ) .
وليعلم الزوج أن طبائع الأطفال مختلفة ، فمنهم من يكون كما ذكر في السؤال ، ومنهم
من يكون أشد من هذا ، ومنهم من يكون دون هذا ، فعلى المؤمن أن يرضى بما قدره الله
عليه ، ولينظر إلى نعمة الله عليه في هذا الولد ، فهناك الكثيرون قد حرموا هذه
النعمة .
ولينظر أيضا إلى عاقبة صبره على ما يلاقيه من أذى أو تعب فإن ذلك – كما سبق – يكفر
عنه سيئاته ، ويعظم له أجره .
وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم – وهو قدوتنا – يتحمل أذى الأطفال ، كما كان
يتحمل أذى الكبار أيضا ، فقد جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بطفلها
الرضيع ، فوضعه النبي صلى الله عليه وسلم في حجره ، فبال ذلك الطفل في حجره صلى
الله عليه وسلم ، فلا عنفه الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا عنف أمه ، ولا أظهر
شيئا من الغضب أو الكراهية ، بل تحمل ذلك صلى الله عليه وسلم ، ودعا بماء فرشه على
موضع البول من ثيابه . رواه البخاري (221) ، ومسلم (286) .
وتحمل أذى الأولاد والصبر على تربيتهم فيه ثواب عظيم ، وتكفير للسيئات ، حتى قال
بعض السلف : من الذنوب ما لا يكفرها إلا الغم بالعيال .
وقد رؤي بشر بن الحارث الحافي بعد موته في المنام ، وأخبر أن الله قد غفر له ، وأن
منزلة أبي نصر التمار [ كان أحد رواة الحديث ، وكان فقيها عابدا ، توفي سنة 228هـ .
انظر : " تقريب التهذيب " (1/ 617)] أعلى منه . فقيل له : بماذا ؟ فقال : بفقره ،
وصبره على بنياته . " سير أعلام النبلاء "(10/573) .
ثالثا :
أما ضرب زوجك لهذا الطفل إذا بكى فلا يجوز ذلك ، لأن الضرب إنما يكون عقابا لمن
يعقل إذا أساء ، أو يتنبه إلى خطأ ما ، وهذا الطفل لا يعقل شيئا فكيف يضرب ؟!
والطفل محتاج إلى العطف عليه والحنان
والرحمة ، فكيف يعامل بتلك الغلظة ؟ وإذا كان الأب لا يتحمل ذلك فليتركه للأم ، فقد
خلقها الله تعالى أكثر منه رحمة وعطفا ، وذلك يناسب تربيتها للأولاد .
رابعا :
ينبغي للزوجين إذا واجهتهما مشكلة أن يتعاونا على حلها بحوار هادئ مليء بالمحبة
والمودة ، لا العنف والضرب والخصام والتهديد ، وهذه المشكلة (وهي محبة الطفل لأن
يحمل ولا يكف عن البكاء إلا بذلك) قد تكلم عنها المتخصصون ووضعوا لها حلولا .
منها : وضع الطفل على كرسي هزاز .
وكذلك وضعه على الأرض على سجادة ملونة ، وحوله الألعاب التي تناسب عمره .
وبالبحث في الإنترنت يجد الوالدان مقالات متنوعة في هذا ، فيستفيدون منها لحل هذه
المشكلة بدلا من سوء التعامل معها مما يؤدي إلى تفاقمها وسوء العلاقة بينهما .
نسأل الله تعالى لكما التوفيق والسداد .
والله أعلم .