رأي الشيخ ابن عثيمين في كفارة يمين الصبي ؟
هل صحيح أن الشيخ محمد بن عثيمين أفتى بأن المميز إذا حلف وحنث فإنه يلزمه كفارة يمين ؟ وهل هناك تأثير في هذه المسألة في كون المميز يظن أنه ليس عليه كفارة يمين إذا حنث في يمينه ؟
وما هو ترجيح الشيخ - رحمه الله - في مسألة من حنث في أيمان كثيرة ثم تاب , هل يلزمه كفارة يمين واحدة على كل الأيمان أم كفارة على كل حنث ؟
ولدي سؤال هو : أنا الآن أذكر أنني وأنا في سن التاسعة تقريبا حنثت في عدد من الأيمان و كنت أظن أنه ليس علي كفارة يمين إذا حنثت حيث كنت صغيرا , فهل علي شيء بخصوص هذا الأمر الأن ؟
علما أني لا أذكر إطلاقا عدد هذه الأيمان .
الجواب
الحمد لله.
أولا :
ذهب جماهير أهل العلم إلى أن الصبي المميز لو حلف وحنث فلا كفارة عليه ، لأن من كان
دون البلوغ فإنه غير مكلف ، فقد رفع عنه القلم فلا تنعقد يمينه .
قال ابن قدامة : " ولا تصح [يعني : اليمين] من غير مكلف ، كالصبي والمجنون والنائم
؛ لقوله عليه السلام : (رفع القلم عن ثلاث...) ؛ ولأنه قول يتعلق به وجوب حق ، فلم
يصح من غير مكلف " انتهى من "المغني" (9/487) .
وقال طاووس : " إن يمينه معلقة ، فإن حنث بعد البلوغ فعليه الكفارة ، وإن حنث قبلها
فلا كفارة عليه " . ينظر "الموسوعة الفقهية الكويتية" (7/266) .
وخرّج بعض الحنابلة : انعقاد يمين المميز ؛ لأن له قصدا صحيحا ، وقد ذكروا في باب
الإيلاء أنه يصح من المميز .
قال في "الإنصاف" (11/16) : " وَلَا تَنْعَقِدُ يَمِينُ الصَّبِيِّ قَبْلَ
الْبُلُوغِ . عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ . جَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ ،
وَالرِّعَايَتَيْنِ ، وَالْحَاوِي ، وَغَيْرُهُمْ . قُلْت: وَيَتَخَرَّجُ
انْعِقَادُهَا مِنْ مُمَيِّزٍ " انتهى .
وقد رجح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله انعقادها من المميز في "الشرح الممتع" (15/127)
.
غير أنه أفتى بعدم وجوب الكفارة على من دون البلوغ في عدة فتاوى .
فقد سئل رحمه الله : كنا نحلف باليمين وبعض هذه الأيمان لا تتم وهي كثيرة لا أستطيع
حصرها وقد تبت من ذلك فهل التوبة تكفي أم لا ؟
فأجاب : " إذا كانت هذه الأيمان قبل البلوغ فلا شيء عليه إذا حنث فيها ، لأن من شرط
الإلزام والتكليف البلوغ " انتهى من "نور على الدرب" (6/226) .
وسألته سائلة تبلغ من العمر أربعة عشر سنة نذرت نذر طاعة ، وثَقُل عليها الاستمرار
في الوفاء به ، فأجابها : " إذا كان هذا النذر قبل البلوغ فإنه لا يلزمك " .
انتهى من المصدر السابق (6/148) .
فإذا لم يمكن الجمع بين قولَيْ الشيخ رحمه الله والتوفيق بينهما ، فيكون له في هذه
المسألة قولان ، وجماهير أهل العلم على أن كفارة اليمين لا تلزم إلا البالغ .
وينظر للفائدة : في مسألة عدم وجوب الكفارة في يمين الصبي ، الفتوى رقم :(220633)
.
ثانيا :
إن كنت حلفتَ أيمانا على شيء واحد ، فتلزمك كفارة واحدة ، أما إن حلفت أيمانا على
عدة أمور ، كأن تقول : والله لا آكل اليوم ، والله لا أشرب اليوم ، والله لا أسافر
اليوم ، فتلزمك كفارة في كل أمر من الأمور السابقة إن فعلتها ، فلو أكلت وشربت
وسافرت ، لزمتك ثلاث كفارات ، وإن حلفت يمينا واحدة على عدة أشياء ، كأن تقول :
والله لا آكل ، ولا أشرب ، ولا أسافر ، فتلزمك كفارة واحدة بفعل واحد من الأمور
السابقة أو كلها ، هذا هو اختيار الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، وقد سبق أن بينا نحو
ذلك في جواب السؤال رقم : (46868) .
والله أعلم .