هل يشهدون جنازة المسلم إذا كان سيدفنه أقاربه على الطريقة البوذية ؟.
امرأة أسلمت، وبعد وفاتها اختلف زوجها المسلم مع أقاربها البوذيين في طريقة تجهيز جنازتها، على الطريقة الإسلامية أم على الطريقة البوذية.
وأخيرا توافقا على أن يقيم أقاربها بالطريقة البوذية أسبوعا كاملا ثم ، ترسل إلى المسجد للغسل والصلاة عليها ، ويتم دفنها مع التابوت على الطريقة البوذية.
فهل يجوز للمسلمين أن يشاركوا في صلاة هذه الجنازة والدفن ، أفيدونا وجزاكم الله خيرا
الجواب
الحمد لله.
أولاً : الواجب أن تدفن هذه المرأة المسلمة المتوفاة وفق أحكام الشرع .
لكن إذا لم يكن للمسلمين في هذا المكان قدرة على دفنها ، وتهيئة جنازتها ، وفق
أحكام الشريعة المحضة ، إلا بنوع فتنة ، وضرر زائد على المسلمين ، لاستضعافهم في
هذا المكان : فالواجب عليهم فعل ما يقدرون عليه من الأحكام الشرعية ، كما قال تعالى
: ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن / 16 .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى : " يأمر تعالى بتقواه ، التي هي
امتثال أوامره واجتناب نواهيه ، ويقيد ذلك بالاستطاعة والقدرة .
فهذه الآية تدل على أن كل واجب عجز عنه العبد ، أنه يسقط عنه ، وأنه إذا قدر على
بعض المأمور وعجز عن بعضه ، فإنه يأتي بما يقدر عليه ، ويسقط عنه ما يعجز عنه ، كما
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ) " انتهى
من " تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان " ( ص 868 ) .
ثانياً :
الحضور للصلاة علي هذه المرأة المسلمة في المسجد قبل دفنها من الأمور الواجبة شرعاً
.
وما فعلته عائلتها البوذية مع جثة هذه المرأة قبل الصلاة عليها ، وما سيفعلونه بعد
ذلك : أمر ليس في استطاعتكم ، والمسلم مكلف بفعل ما يستطيع فعله كما مضى بيان ذلك .
ولا حرج عليكم من تشييع جنازتها وحضور دفنها ، ولو تخلل ذلك وجود بعض المنكرات من
قبل أهلها البوذيين ، لأن شهود الجنازة ودفنها من حقوق المسلم .
عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( حَقُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ
خَمْسٌ : رَدُّ السَّلاَمِ ، وَعِيَادَةُ المَرِيضِ ، وَاتِّبَاعُ الجَنَائِزِ ،
وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ ، وَتَشْمِيتُ العَاطِسِ ) رواه البخاري ( 1240 ) ومسلم (
2162 ) .
فلا يترك هذا الحق لوجود منكر لا يُستطاع تغييره .
قال أبو داود : " قُلْتُ لِأَحْمَد أَرَى الرَّجُلَ قَدْ شَقَّ عَلَى الْمَيِّتِ،
أُعَزِّيهِ؟ [المراد : شق ثوبه ] .
قَالَ: " لَا يُتْرَكُ حَقٌّ لِبَاطِلٍ ". انتهى من "مسائل الإمام أحمد رواية أبي
داود السجستاني" (ص: 190).
ومثله ما جاء في "مسائل عبد الله" صـ 144 قال: " سألت أبي عن الجنازة معها نوائح أو
صوائح تُتبع؟
قال: قال الحسن: لا ندع حقاً لباطل". انتهى
وأما الدفن بالتابوت فقد سبق بيان حكمه في جواب السؤال (34511) .
والله أعلم