الحمد لله.
صلاة الاستخارة تجمع أنواعاً
من أنواع العبودية لله تعالى ، ففيها : دعاء الله والتذلل له ، والتوكل عليه وتفويض
الأمر له ، والثقة بما عنده ..... إلخ .
وقد سبق بيان جملة من أحكام صلاة الاستخارة في جواب السؤال رقم : (11981)
فليراجع .
ومعنى الاستخارة : أن العبد يطلب من الله أن يختار له خير الأمرين .
قال ابن حجر رحمه الله في " فتح الباري " (18/170) : " استخار الله : طلب منه الخيرة (الاختيار) ... والمراد : طلب خير الأمرين لمن احتاج إلى أحدهما " انتهى .
وقد ورد في حديث صلاة الاستخارة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلْ : اللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ , وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ , وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلا أَقْدِرُ , وَتَعْلَمُ وَلا أَعْلَمُ , وَأَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ ... إلخ الحديث) رواه الْبُخَارِيُّ (1166) .
هذا يدل على أن صلاة الاستخارة إنما تشرع في بداية الهم بالأمر ، ويكون ذلك عند أول التفكير فيه ، قبل أن يعزم الإنسان على فعله أو تركه .
وفي دعاء الاستخارة يصف العبد ربه بكمال العلم ، ويصف نفسه بعدم العلم ، ثم على إثر ذلك يطلب من الله أن يختار له خير الأمرين ، ولا معنى لذلك إلا أن يكون العبد غير جازم بشيء عند هذا الدعاء ؛ لأنه لا يدري أين الخير له ؟ وقد نص على ذلك العلماء رحمهم الله .
قال في " كشاف القناع " (1/443) : " ولا يكون ، وقتَ الاستخارة ، عازما على الأمر الذي يستخير فيه ، أو على عدمه " انتهى .
وقال القرطبي المالكي - رحمه
الله - : " قال العلماء : وينبغي له أن يفرغ قلبه من جميع الخواطر ، حتى لا يكون
مائلاً إلى أمر من الأمور " انتهى من " الجامع لأحكام القرآن " (13/206) .
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم
آل الشيخ رحمه الله : " ( ولا يكون وقت الاستخارة عازماً على الفعل أو الترك ) ،
فإنه إذا كان كذلك لم يبق محل للاستخارة " انتهى من " شرح كتاب آداب المشي إلى
الصلاة " (ص112) .
وسئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : أيهما الصحيح في دعاء الاستخارة : هل هو العزم على أحد الأمرين ثم الاستخارة ؟ أم الاستخارة أثناء التردد والحيرة بين أمرين ؟
فأجاب : " لا ، الاستخارة عند التردد ، حتى يختار الله له ما هو أصلح ، مثلاً : أراد أن يسافر ولا يدري هل هذا خير أم لا ؟ فيستخير ، أما إذا عرف أنه خير فلا يحتاج استخارة " انتهى من " الفتاوى الثلاثية " .
وبناء على هذا ؛ فالاستخارة
تكون أولاً ، ثم يأتي بعدها العزم واتخاذ القرار .
والله أعلم .