شركة تهب للناس صناديق إلكترونية لا يعرف مضمونها ثم تبيعهم المفتاح!

19-05-2015

السؤال 226976


تقوم إحدى الشركات بتوزيع بشكل عشوائي صناديق إلكترونيّة مقفلة كنوع من الهدايا مجهول ما بداخلها ، فعندما يمتلكها الشخص تصبح ملك له لا يستطيع فتح الصندوق الإلكتروني إلا بمفتاح إلكتروني مخصص لهذا الصندوق يقوم بشراءه من الشركة بمبلغ زهيد . فما حكم شراء مفتاح فقط لفتح الصندوق الذي أعطته له الشركة وأصبح ملكاً له ؟ وما حكم بيع الصندوق ؟ وما حكم شراء صندوق فقط من شخص آخر أو من نفس الشركة ؟ ملاحظة : ما بداخل الصندوق قد يكون شيء ثمين أو قد يكون رخيص .

الجواب

الحمد لله.


أولاً :
لا يصح وصف توزيع هذه الصناديق على الناس بأنها في حكم الهبة ، إذ المقصود من هذا التوزيع جعلها مقدمةً وتوطئةً لبيع المفتاح الذي لا يمكن الاستفادة والانتفاع من الصندوق إلا به .
كما أن المفتاح غير مقصود بالشراء ؛ إذ لا قيمة له وحده منفرداً ، فمن يشتريه يقصد من وراء ذلك فتح الصندوق والحصول على ما في داخله .
ولذلك فحقيقة هذه المعاملة : هي بيع هذا الصندوق مع مفتاحه بمبلغ محدد .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " فَإِنَّ الْهَدِيَّةَ إذَا كَانَتْ لِأَجْلِ سَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ كَانَتْ مَقْبُوضَةً بِحُكْمِ ذَلِكَ السَّبَبِ كَسَائِرِ الْمَقْبُوضِ بِهِ ؛ فَإِنَّ الْعَقْدَ الْعُرْفِيَّ كَالْعِقْدِ اللَّفْظِيِّ " .
انتهى "مجموع الفتاوى" (30/109) .
وقال: " كل من أُهدي أو وُهب له شيءٌ بسبب ، يثبت بثبوته ويزول بزواله ، ويحرم بحرمته ، ويحل بحله " انتهى من "الفتاوى الكبرى" (5/468).

ثانياً :
من شروط صحة البيع : أن يكون المبيع معلوماً من حيث الوصف والقدر والجنس للمتبايعين .
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
"من شروط البيع: أن يكون المبيع معلوماً برؤية أو صفة ، أي: عند البائع والمشتري ، فلا يكفي علم أحدهما، والجهل إما أن يكون منهما جميعاً، أو من البائع وحده أو من المشتري وحده ، وفي كل الصور الثلاث لا يصح البيع ، فلا بد أن يكون معلوماً عند المتعاقدين، ودليل ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم (نهى عن بيع الغرر) . والمجهولُ بيعُه غرر لا شك.
فإن قيل: لماذا نهي عن الغرر؟
قلنا: لما يحصل به من العداوة والبغضاء والكراهية؛ لأن المغلوب منهما سوف يكره الغالب ، فلذلك نُهي عن بيع الغرر" انتهى من "الشرح الممتع" (8/147) .
وبهذا يتبين أن هذه المعاملة الواردة في السؤال محرمة ، لأن المشتري يشتري شيئا مجهولا لا يعلمه .
وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله بعض الأسواق التجارية ، تبيع صندوق صغيراً بقيمة (ريال واحد) وبداخله شيء مجهول ، قد تربو قيمته عن الريال وقد تنقص ، ما حكم شراء هذا الصندوق مع جهلي بما يحويه ، وهل هذا البيع صحيح أم لا يجوز؟
فأجاب : " شراء هذا الصندوق لا يجوز؛ لأن شراءه من الغرر ، وقد : ( نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر )" انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (19/61) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء عن تاجر يبيع علباً مغلفة يطلق عليها اسم: "جرب حظك"، بداخل كل علبة حلوى وألعاب أطفال ، عبارة عن سيارة أو طائرة أو مروحة أو قطار.. كلها ألعاب أطفال، وهي منوعة ، كل علبة يختلف ما بداخلها عن الأخرى من الألعاب المذكورة ، والكرتون مغلف ، لا يرى ما بداخله.
فأجابوا : "هذا النوع من البضائع ، ذات الكرتون المغلف ، الذي يباع ولا يعلم ما في داخله من أنواع السلع من ألعاب الأطفال وغيرها، هو بيع مجهول يفتقد شرط العلم بالمبيع برؤية أو صفة؛ لذا فلا يجوز التعامل بهذا النوع من البضائع الفاقد للعلم بالمبيع برؤية أو صفة ؛ لأنه من بيوع الغرر المنهي عنها " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/84-86) .
وينظر جواب السؤال : (219031) .
والله أعلم .

البيوع المحرمة
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب