الحمد لله.
ثانيا :
القول بأن الذي يحب لموسيقى ويتعلق بها يأتي يوم القيامة ، فيأمره الله بدخول النار
، ويخرج من النار صوت الموسيقى التي كان يحبها هذا العبد ، فينطلق وهو يرقص ، حتى
يلج النار :
مثل هذا الكلام لا يجوز أن ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه - مع كونه لا
أصل له - فهو كلام سمج ممجوج ، تمجه القلوب والأسماع ، ولا يعلم له أصل ولا نظير في
دين الله ، ولم نقف على مثل هذا الكلام ، ولا قريب منه ، مرويا عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم ، أو منسوبا إليه ، ولو بإسناد ضعيف ، أو واهٍ !! والشريعة ليست
بحاجة إلى هذا الكذب لإثبات تحريم الغناء .
قال ابن القيم رحمه الله :
" الأحاديث الموضوعة عليها ظلمة وركاكة ، ومجازفات باردة ؛ تنادي [ يعني : تدل ]
على وضعها واختلاقها على رسول الله صلى الله عليه وسلم " انتهى من "المنار المنيف"
(ص 50)
فمثل هذا ، لا يجوز أن ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، لأنه من الكذب عليه ،
وقد قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ
مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ ) رواه البخاري (110) ،
ومسلم (3) .
قال النووي رحمه الله :
" يَحْرُم رِوَايَة الْحَدِيث الْمَوْضُوع عَلَى مَنْ عَرَفَ كَوْنَهُ مَوْضُوعًا ،
أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ وَضْعُهُ ؛ فَمَنْ رَوَى حَدِيثًا ، عَلِمَ ، أَوْ ظَنَّ
، وَضْعَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ حَالَ رِوَايَتِهِ ووَضْعَهُ : فَهُوَ دَاخِل فِي
هَذَا الْوَعِيد , مُنْدَرِج فِي جُمْلَة الْكَاذِبِينَ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى
اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " انتهى من " شرح صحيح مسلم" (1/71) .
والله تعالى أعلم .