الحمد لله.
والحركة من غير جنس أفعال الصلاة ، ومن غير حاجة تدعو إليها : هي مما يخالف هذا الأمر بالسكون ، ومما يعارض الخشوع المأمور به .
لكن الحركة : إذا كانت قليلة
، أو غير متتالية : فإنها لا تفسد الصلاة .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى :
" أما إن كان – أي التحرك - قليلا عرفا ، أو كان كثيرا ولكن لم يتوال : فإن الصلاة
لا تبطل به ، ولكن يشرع للمؤمن أن يحافظ على الخشوع ، ويترك العبث ، قليله وكثيره ؛
حرصا على تمام الصلاة وكمالها.
ومن الأدلة على أن العمل القليل ، والحركات القليلة في الصلاة ، لا تبطلها ، وهكذا
العمل والحركات المتفرقة غير المتوالية ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه
فتح الباب يوما لعائشة وهو يصلي ، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم من حديث أبي قتادة
رضي الله عنه : أنه صلى ذات يوم بالناس وهو حامل أمامة ، بنت ابنته زينب ، فكان إذا
سجد وضعها وإذا قام حملها " .
انتهى من " مجموع فتاوى ومقالات الشيخ عبد العزيز بن باز " (11 / 113) .
أما إذا كانت الحركة في
الصلاة : كثيرة متتالية من غير حاجة شرعية ، فهي المفسدة للصلاة . وقد حكى ابن حزم
رحمه الله تعالى الاتفاق على هذا ؛ حيث قال :
" واتفقوا أن الأكل والقهقهة والعمل الطويل ، بما لم يؤمر به فيها : ينقضها ، إذا
كان تعمد ذلك كله ، وهو ذاكر لأنه في صلاة " انتهى من " مراتب الإجماع " ( ص 51 ) .
وضابط الكثرة لم يرد فيه نص
شرعي يحدده ، فيرجع فيه إلى ما يتعارفه أوساط الناس ، فما كان في نظرهم كثيرا ،
منافيا لهيئة الصلاة ، بحيث يظن أن فاعلها ليس في صلاة فهو مما يبطل الصلاة ؛ وإلا
فلا .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :
" أقرب شيء أن يقال : إننا إذا رأينا هذا الشخص يتحرك ، ويغلب على ظننا أنه ليس في
صلاة لكثرة حركته ، فينبغي أن يكون هذا هو الميزان ، أن تكون الحركة بحيث من رأى
فاعلها ظن أنه ليس في صلاة ؛ لأن هذا هو الذي ينافي الصلاة " .
انتهى من " الشرح الممتع " ( 3 / 256 ) .
فالحاصل : أنه إذا كانت حركة الإمام كثيرة لكنها غير متصلة وإنما متفرقة فإنها لا تبطل الصلاة ، وهذا هو الذي يظهر من حال إمامكم كما يفهم من سؤالك ؛ لأنك قلت : " يتحرك في الصلاة عدة مرات " .
أما إذا كانت كثيرة متصلة
بحيث تظن كأنه خارج الصلاة ، فالصلاة في هذه الحالة باطلة ، وعلى المصلي في هذه
الحالة أن يبحث عن إمام آخر يصلي وراءه .
والله أعلم .