الحمد لله.
ورواه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (2/ 402) من طريق الْقَاسِم بْن بِهْرَام
عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الْمَوْتُ تُحْفَةُ الْمُؤْمِنِ، وَالدِّرْهَمُ
وَالدِّينَارُ رَبِيعُ الْمُنَافِقِ، وَهُمَا رَادَّانِ أَهْلِيَهُمَا إِلَى
النَّارِ ) .
وقال ابن الجوزي عقبه : " تفرد به القاسم بْن بهرام " .
قال الذهبي :
"عنده عجائب. وهَّاه ابن حبان وغيره ، قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به بحال"
انتهى من "ميزان الاعتدال" (3 /369) .
فهذا إسناد ضعيف جدا .
وينظر : "المطالب العالية" لابن حجر ، رقم (781) وتعليق المحققين عليه .
وينظر أيضا : "السلسلة الضعيفة" ، للألباني (6891) .
وقد جاء موقوفا على ابن مسعود رضي الله عنه :
فرواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7/ 102) ، والطبراني في "الكبير" (8774) ، وأبو
داود في "الزهد" (117) ، وأبو نعيم في "الحلية" (1/131) من طريق يَزِيدَ بْنِ أَبِي
زِيَادٍ ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بن مسعود رضي الله
عنه قال : " ذَهَبَ صَفْوُ الدُّنْيَا ، وَبَقِيَ كَدَرُهَا، فَالْمَوْتُ تُحْفَةٌ
لِكُلِّ مُسْلِمٍ " .
ويزيد بن أبي زياد ضعيف ، ولا يعرف له سماع من أبي جحيفة رضي الله عنه .
انظر : "الميزان" (4 /423) .
ورواه ابن بطة في " الإبانة" (1/ 187) من طريق الْمَسْعُودِيّ ، عَنْ زُبَيْدٍ ،
عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : .. فذكره .
والمسعودي ، هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود الكوفي ، وهو
صدوق ، لكنه اختلط قبل موته ، كما في "التقريب" (ص 344) .
فالحديث ضعيف مرفوعا ، ولا بأس به موقوفا بطريقيه .
أما معناه : فقال المناوي رحمه الله :
" التحفة : ما يتحف به المؤمن من العطية ، مبالغة في بِره وإلطافه .
(الموت) : لأن الدنيا محنته وسجنه وبلاؤه؛ إذ لا يزال فيه في عناء من مقاساة نفسه ،
ورياضة شهواته ومدافعة شيطانه، والموت إطلاق له من هذا العذاب، وسبب لحياته
الأبدية، وسعادته السرمدية، ونيله للدرجات العلية، فهو تحفة في حقه، وهو وإن كان
فناء واضمحلالا ظاهرا ، لكنه بالحقيقة ولادة ثانية ، ونقلة من دار الفناء إلى دار
البقاء .
ولو لم يكن الموت ، لم تكن الجنة ، ولهذا منّ الله علينا بالموت فقال : (خلق الموت
والحياة) قدم الموت على الحياة ، تنبيها منه على أنه يتوصل منه إلى الحياة الحقيقية
، وعده علينا من الآلآء في قوله (كل من عليها فان) ، ونبه بقوله (ثم أنشأناه خلقا
آخر فتبارك الله أحسن الخالقين * ثم إنكم بعد ذلك لميتون * ثم إنكم يوم القيامة
تبعثون) على أن هذه التغييرات لخلق أحسن ، فنقض هذه البنية لإعادتها على وجه أشرف "
انتهى من "فيض القدير" (3/ 233) .
فبعد انقضاء أيام المؤمن في الدنيا ، في طاعة الله ، يتحفه ربه بالموت الذي يخلصه من كروبها وابتلاءاتها، ويوصله إلى الحياة الحقيقية في جنات النعيم .
ولكن ذلك لا يعني استحباب تمني الموت ، فالحياة للمؤمن زيادة في الطاعة والإيمان
والأجر والثواب ، ولكن متى وقع الموت ، فتلك تحفة المؤمن .
وقد روى ابن المبارك في "الزهد" (17) ، وأبو نعيم في "الحلية" (1/136) عن ابن مسعود
رضي الله عنه قال : " لَيْسَ لِلْمُؤْمِنِ رَاحَةٌ دُونَ لِقَاءِ اللَّهِ عَزَّ
وَجَلَّ " .
وصححه الألباني في "الضعيفة" (2/ 116) .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (41703) ، (46592).
والله تعالى أعلم .