الحمد لله.
ورواه أبو طاهر المخلِّص في
" المُخَلِّصيَّات " (4/ 111) من طريق يحيى بن عثمانَ السمسار البصريّ قالَ : حدثنا
إسماعيلُ وهو ابنُ عيّاشٍ ، عن عبَّادِ بنِ كثيرٍ ، عمَّن سمعَ أنسَ بنَ مالكٍ
يقولُ : قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ... فذكره .
وهذا إسناد واه جدا ، عباد بن كثير هو الثقفي البصري ، قال ابن معين : لا يكتب
حديثه ، وقال أيضا : ليس بشيء ، وقال أبو زرعة : لا يكتب حديثه ، وقال البخاري:
تركوه ، وقال النسائي والعجلي : متروك الحديث ، وقال البرقي : ليس بثقة .
"تهذيب التهذيب" (5/ 100) .
وإسماعيل بن عياش روايته عن غير أهل الشام ضعيفة ، وهذه منها .
انظر : "التهذيب" (1/ 324) .
ثم هو منقطع بين عباد بن كثير وأنس رضي الله عنه ، لقوله في روايته : " عمن سمع أنس
بن مالك "
ثانيا :
ابتغاء النكاح لحفظ البصر والفرج من الحرام : مقصد شرعي ، يؤجر صاحبه عليه ، إن شاء
الله ، ويرجى له به العون من الله . وقد دلت على ذلك النصوص الشرعية :
روى البخاري (5065) ، ومسلم (1400) عن ابن مسعود قَالَ : " كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَابًا لَا نَجِدُ شَيْئًا فَقَالَ لَنَا
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ
مَنْ اسْتَطَاعَ منكُم الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ
وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ
لَهُ وِجَاءٌ ) .
فقوله : (فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ) بيان أن الحكمة من
الأمر بالتزوج : غض البصر وحفظ الفرج .
قال القاري رحمه الله في "المرقاة (5/ 2041):
" (فَإِنَّهُ) أَيْ: التَّزَوُّجَ (أَغَضُّ لِلْبَصَرِ) أَيْ: أَخْفَضُ ،
وَأَدْفَعُ لِعَيْنِ الْمُتَزَوِّجِ عَنِ الْأَجْنَبِيَّةِ ، مِنْ : غَضّ طَرْفه ؛
أَيْ: خَفْضه وَكَفّه (وَأَحْصَنُ) أَيْ: أَحْفَظُ (لِلْفَرْجِ) أَيْ: عَنِ
الْوُقُوعِ فِي الْحَرَامِ " انتهى .
وروى الترمذي (1655) وحسنه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ :
المُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَالمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الأَدَاءَ ،
وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ العَفَافَ " وحسنه الألباني في " صحيح الترمذي" .
قال المناوي رحمه الله :
"(والناكح الذي يريد العفاف) أي المتزوج بقصد عفة فرجه عن الزنا واللواط أو نحوهما
" .
انتهى من "فيض القدير" (3/ 317) .
فالذي يبادر بالزواج لصيانة نفسه وحفظ بصره وفرجه مطيع لله ولرسوله ، وهذا أزكى
لنفسه ، وأطهر لقلبه ، وحق على الله أن يعينه ، تفضلا منه وكرما ، ومن كانت هذه
حاله : فله الأجر والمثوبة عند الله .
وهناك مقاصد شرعية أخرى يقصدها المسلم بالنكاح كالولد الصالح ، وتكثير عدد المسلمين
، وصيانة المرأة وعفتها ، وبناء البيت المسلم ، والسعي في طلب الرزق والنفقة على
الزوجة والأولاد ، فكل هذه مقاصد شرعية يؤجر عليها .
وانظر السؤال رقم : (34170) ، ورقم : (10376)
.
ولا حرج على الرجل أن يطلب المرأة لجمالها ، فذلك أمر فطري ، لا يعاب في نفسه ، بل
قد يمدح ، إذا كان ذلك أعون لصاحبه على أن يغض بصره ، ويحصن فرجه ، وإنما الذي
ينبغي له أن يجعل وصف الدين فيمن يتزوجها هو الباعث الأول له على اختياره ، بحيث
يقدمه على ما سواه من الأوصاف والمقاصد ؛ فمتى تحقق له الدين مع الجمال ، فهو خير
وأفضل له ، ومتى طلب المرأة لجمالها ، مع تحقيقها للدين الواجب ، والتعفف والحجاب :
فلا حرج عليه ، وإن ترك من هي أدين منها وأفضل .
والله أعلم .