هل من السنة تقطيع الخبز عند تناوله أربعا ؟
يقوم أحد أصدقائي بتقطيع الرغيف أربع قطع ، أو يعمل أربع قطع ، قبل تناول وجبته ، وعندما سألته قال : بأن تلك هي السُنّة، ولم يأت بدليل ، فهل هي سنة حقا ؟
الجواب
الحمد لله.
لا نعلم في السنة هديا معينا في كيفية تناول الخبز ، ولا وجدنا نصا في استحباب
تقطيعه قبل تناوله - أربع قطع أو غيرها - وهذا الفعل هو من العادات التي يراعي فيها
الآكل ما اعتاده الناس ، فمنهم من يعتاد تقطيعه ، ومنهم من لا يعتاد ذلك ، ومنهم من
يقطعه أحيانا ويتناوله دون تقطيع أحيانا ، ومنهم من يقطع الكبير منه دون الصغير ،
فمن شاء قَطَّعه قِطَعا ، ومن شاء لم يقطعه ، ومن شاء قَطَّعه بسكين ، ومن شاء قطعه
بيده ، ومن شاء قطعه أحيانا ولم يقطعه أحيانا ، فكل ذلك من العادات التي لم تأت
السنة بالنهي عنها ، ولا بالأمر بها ، فتكون في دائرة المباح.
وقد ورد النهي عن تقطيع الخبز بالسكين ، ولا يصح .
قال ابن القيم رحمه الله :
" وَأَمَّا حَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ قَطْعِ الْخُبْزِ بِالسِّكِّينِ : فَبَاطِلٌ لَا
أَصْلَ لَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّمَا
الْمَرْوِيُّ: النَّهْيُ عَنْ قَطْعِ اللَّحْمِ بِالسِّكِّينِ، وَلَا يَصِحُّ
أَيْضًا" انتهى من "زاد المعاد" (4/ 279) ، وضعفه أيضا الحافظ العراقي في " تخريج
أحاديث الإحياء " (ص 436) .
فتقطيع الخبز أجزاء عند أكله من الأمور المباحة ، لا يتعلق به استحباب ولا كراهة .
قال العيني رحمه الله :
" قَالَ ابْن حزم : وَقطع اللَّحْم بالسكين للْأَكْل حسن ، وَلَا يكره أَيْضا قطع
الْخبز بالسكين ؛ إِذْ لم يَأْتِ نهي صَرِيح عَن قطع الْخبز وَغَيره بالسكين "
انتهى من "عمدة القاري" (21/ 49) .
وجاء في "مجمع الأنهر" (2/ 525) - من كتب الأحناف - :
" وَلَا يُكْرَهُ قَطْعُ اللَّحْمِ وَالْخُبْزِ بِالسِّكِّينِ " انتهى .
فأنت ترى أن العلماء ينصون على عدم الكراهة ، ولكنهم لم يذكروا أنه سنة ، مما يعني
أن هذا الفعل مباح .
إلا أنه إذا كان في تقطيعه المحافظة على ما يتبقى منه ، فلا يتلطخ بدسم أو إدام ،
ولا تعاف النفس تناوله ، فيصير الباقي منه بعد الأكل صالحا ، وخاصة في الخبز الكبير
الحجم ، وفي الموائد الكبيرة ، التي يكثر عليها الخبز ، فيتلطخ كثير منه بالمرق
والإدام وغير ذلك : فحينئذ يستحب تقطيعه ، لا بدلالة نص خاص على ذلك - فإنه لا نص
فيه - فيما نعلم - ولكن مراعاة لحفظه ، وصيانة لما يتبقى منه ، ومثل هذا من التدبير
الجيد ، وترشيد الاستهلاك الذي يُندب إليه ويُحثّ عليه ، حفاظا على النعمة ، ومنعا
من الإسراف والتبذير .
وراجع الفتوى رقم : (13348) ، لمعرفة آداب
الأكل بأدلتها التفصيلية .
والله أعلم .