الحمد لله.
وهذه العبارات مثل " جلوس
الرب على كرسيه " أو " قعوده على عرشه " ونحو ذلك ، وإن لم تصح بها النصوص المرفوعة
، فقد حكيت عن غير واحد من السلف والأئمة ، لا يخرجون في معناها عن معنى استواء
الرب تعالى على عرشه ، وإن كان الاكتفاء بإثبات صفة الاستواء أولى .
قال الشيخ البراك حفظه الله :
" ورد في بعض الآثار نسبة الجلوس إلى الله تعالى، وأنه يجلس على كرسيه كيف شاء
سبحانه، وربما أطلق بعض الأئمة هذا اللفظ أيضاً، وسياق كلام الشيخ [يعني : شيخ
الإسلام ابن تيمية] يشعر بأن الاستواء يتضمن القعود ، لكن الأولى التوقف في إطلاق
هذا اللفظ إلا أن يثبت " انتهى من "شرح الرسالة التدمرية" (ص 188) .
وينظر جواب السؤال رقم : (219403) .
على أن ابن القيم رحمه الله
قد ذكر في كتابه "اجتماع الجيوش الإسلامية" خمسين حديثا كلها تدل على علو الله
تعالى على خلقه ، وأكثر هذه الأحاديث صحاح ، ونحو خمسة عشر حديثا منها في الصحيحين
أو أحدهما .
وقد ذكر قبل ذلك طرفاً من أدلة القرآن الكريم على علو الله تعالى على خلقه ، وقد
ذكر الله في القرآن الكريم استواءه على عرشه في سبعة مواضع ، كما هو معلوم .
ثم أتبع ابنُ القيم ذلك بأقوال الصحابة والتابعين والأئمة في ذلك .
فهل من العقل والإنصاف أن ترد دلالة القرآن الكريم والأحاديث المتواترة من أجل أن
ابن القيم رحمه الله أخطأ في موضع أو موضعين ، أو ذكر حديثا غير صحيح ؟! لا يُسوِّغ
ذلك إلا جاهل أو متعصب .
وقديما قيل : السعيد من عُدَّت غلطاته .
ثم هات ما شئت من كتب الأشاعرة أو غيرهم ، وانظر حالهم فيها مع سنة النبي صلى الله
عليه وسلم ، وآثار السالفين ، وكيف يردون الأحاديث الصحيحة ، بل المتواترة أحيانا ،
التي تخالف مذهبهم .
وكيف يوردون في الاستشهاد لمذاهبهم ، حينما يجنحون إلى ذلك : ما لم يصح عن النبي
صلى الله عليه وسلم ، بل ما لا أصل له .
ثانيا :
شارح العقيدة الطحاوية هو الإمام صدر الدين محمد بن عليّ بن محمد ابن أبي العز
الحنفي، الأذرعي الصالحي الدمشقي ، شيخ من شيوخ أهل السنة ، وإمام من أئمتها ،
استقى مادة هذا الشرح من كتب أهل السنة ، ونافح عن عقيدة السلف ، وأوذي في ذلك ،
فصبر واحتسب .
وينظر جواب السؤال رقم : (93197) .
ومن طعن فيه ، أو في عقيدته ، فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا ، قال الله تعالى : (
وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا
فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ) الأحزاب/ 58 .
وليس من أحد إلا وله أخطاء وزلات ، ومن تتبع أخطاء العلماء ليقع فيهم ، فقد ظلم نفسه ، وتعدى حدود الله .
وهذا كتاب شرح العقيدة
الطحاوية موجود مطبوع ، فليكن الرد عليه بطريقة علمية ، بعيدا عن التعصب والهوى ،
والبهتان ، برمي الإنسان بما ليس فيه .
وقد قال رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ : ( .. وَمَنْ قَالَ فِى
مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ : أَسْكَنَهُ اللَّهُ رَدْغَةَ الْخَبَالِ حَتَّى
يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ ) . رواه أبو داود (3599) وصححه الألباني .
ثم هذا الكتاب هو شرح لمتن
في العقيدة ألفه الإمام الطحاوي الحنفي ، الذي اشتهر باسمه "العقيدة الطحاوية" وهو
متن موافق ـ في مجمله ـ لعقيدة أهل السنة والجماعة ، مخالف لما عليه الأشاعرة
وغيرهم ممن خالفوا طريقة السلف .
وينظر للفائدة حول "متن العقيدة الطحاوية" : جواب السؤال رقم : (93197)
.
نسأل الله تعالى أن يرينا
الحق حقا ويرزقنا اتباعه ، وأن يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه ، وأن لا يجعله
ملتبسا علينا فنضل .
والله تعالى أعلم .