الحمد لله.
أولاً :
الكتاب خير جليس ، وأفضل أنيس ، وهو نِعْمَ الذخر والعدة ، ونِعْمَ المؤنس ساعة
الوحدة .
ومن نعم الله علينا في هذا العصر ظهور ما يسمى بـ " الكتاب الإلكتروني" .
ففي ظل الثورة الرقمية التي يشهدها العالم في هذا القرن ، تحول الكتاب من شكله
الورقي إلى شكله الإلكتروني ، وانتشر انتشاراً واسعاً بين القراء والكتاب ، وخاصة
مع ابتكار شاشات لهذه الكتب تُضاهي الصفحات الورقية للكتب التقليدية .
فصار بالإمكان قراءة محتويات الكتاب على أجهزة الحاسب المكتبية ، والمحمولة ، أو
الأجهزة الكفية ، أو باستخدام أجهزة مخصصة لذلك ، مثل : "آي فون" ، و"آي باد" ،
و"أندرويد" ، وأجهزة "ماك".
ولا شك أن لكلا النوعين من الكتاب الورقي والإلكتروني فائدته ، ودوره ومزاياه .
فمن المزايا والفوائد التي يتميز بها الكتاب الإلكتروني عن الكتاب الورقي:
* قلة التكلفة ، حيث توفر الكتب الإلكترونية تكاليف الطباعة ، والحبر ، والورق ،
ومصاريف النقل والشحن ، ويكون في متناول الملايين من الناس بأسهل الطرق .
فهو أرخص في الإنتاج ، وأرخص في الشراء ، وبعضها مجاني ، حيث تسمح العديد من
المكتبات العامة على الإنترنت للقراء بقراءة وتحميل الكتب .
* سهولة حمله ونقله عند السفر والارتحال ، وتخزين الآلاف منه في حيز صغير جداً ،
مقارنة مع الحجم الذي يشغله الكتاب الورقي ، مع إمكانية تداوله بسهولة وسرعة فائقة
حول العالم ، دون التقيد بالحدود الرقابية التي تفرضها بعض الدول .
* سهولة الوصول لأي كتاب بأي لغة في أي مكان من العالم ، بخلاف الكتاب الورقي الذي
قد يبذل المشاق الكثيرة للوصول إليه إذا كان مطبوعا في بلد آخر.
* سهولة البحث والنقل والنسخ ، حيث يمكن نقل كتاب إلكترونى في دقائق أو ثواني
معدودة ، بخلاف النسخ والنقل من الكتاب الورقي .
* إعارة الكتاب الورقي تكتنفه الكثير من الإشكالات ، من خشية الضياع والتمزق
والإهمال ... وكل هذا قد سلم منه الكتاب الإلكتروني ، فإن الكتاب الإلكتروني يتيح
لك إعطاء كل زملائك نسخة من ذلك الكتاب .
*وبرامج القراءة المتطورة الأكثر احترافية فيها إمكانية التهميش ، وكتابة الحواشي
والتعليقات ، والتظليل .
ومع ذلك فلا يخلو الكتاب الإلكتروني من بعض السلبيات ، ومن أبرزها: ضياع حقوق المؤلفين ، ودور النشر ، نتيجة التوزيع غير الشرعي لنسخ الكتاب الإلكتروني .
ثانياً :
وفي مقابل ذلك ، فإن للكتب الورقية مزايا على الكتب الإلكترونية ، ومن أهمها :
* قراءة الكتاب الورقي أكثر راحة بشكل عام ، ففي قراءة الكتاب الورقي متعة لا يشعر
بها من يقرأ الكتاب الإلكتروني .
* الكتاب الورقي يبني علاقة حميمة ، وصلة وثيقة ، بين القارئ والكتاب ، وهذا ما لا
يوفره الكتاب الإلكتروني!!.
* الكتاب الورقي لا يتوقف على توفر الكهرباء أو أجهزة الحاسب ، أو الاتصال
بالإنترنت.
* الكتاب الورقي أكثر راحة للعين من الإلكتروني، فالقراءة لساعات طويلة من جهاز
إلكتروني تسبب إجهاداً للعين .
والكتب الإلكترونية وإن كانت قد أثرت إلى حد كبير على سوق الكتاب الورقي، إلا أنه ما يزال مفضلا عند الكثيرين ، وما يزال الكتاب الورقي متربعا على أسواق الكتب ، ومعارض الكتاب ، في مشارق الأرض ومغاربها.
بل إن "الكتاب الإلكتروني" عزز وجود الكتاب الورقي ، وعمل على زيادة زوار معارض الكتاب بحثا عنه .
ولسنا هنا في صدد تفضيل أحدهما على الآخر ، فلكل منهما مزاياه وعيوبه ، وإن كان الكتاب الإلكتروني قد فرض نفسه في الفترة الأخيرة بقوة على الساحة .
والأهم من ذلك أن ندرك : أن الطباعة الورقية ، أو التخزين الإلكتروني ، ما هو
إلا وسيلة لتسهيل القراءة على الطالب والباحث والقارئ ، فينبغي أن لا تشغلنا
الوسيلة عن الغاية ، والتي هي: القراءة .
فالمهم من الإنسان أن يحرص على القراءة في الكتب النافعة والمفيدة ، سواء كانت
مطبوعة طباعة ورقية أم مخزنة تخزينا رقمياً .
فالعلاقة بين كلا الكتابين علاقة تكامل ، لا علاقة تنافس ، فالكتاب الورقي
والإلكتروني يكمّــل بعضهما بعضا، فلكل واحد منهما ميزاته وإيجابياته.
ولذلك فالواجب علينا أن نستثمر هذه التقنية الحديثة للقراءة المفيدة ، فهي تعطي
المجال للقراءة في جميع الأوقات والحالات .
والله أعلم .