الحمد لله.
ولا نستطيع أن نطرد القول
بأن ترك فعل المحرم تحريم الذرائع مستحب مع وجود الحاجة الداعية لفعله , فهذا غير
مستقيم بل قد يكون فعله هو المستحب أحيانا .
ومثال ذلك تحريم النظر إلى المرأة الأجنبية ، فإنه إنما حرم تحريم الوسائل ؛ لأنه
قد يفضي إلى الفاحشة , ومع ذلك فإنه رخص في النظر إلى المخطوبة ، والأخذ بهذه
الرخصة أرجح وأولى من ترك ذلك ؛ فيستحب النظر إلى المخطوبة ، مع أنها امرأة أجنبية
, ولا يصح أن يقال : يستحب تركه ، فقد ورد الحديث الصحيح بالأمر بالنظر إلى
المخطوبة , كما ورد في الفتوى رقم : (145678).
ثانيا:
سبق بيان تحريم الاختلاط والمفاسد المترتبة عليه في السؤال : (1200)
، وأن الواجب على المسلم اجتناب الدراسة والعمل في الأماكن المختلطة .
إلا أن البلاد التي ابتلي أهلها بوجود الاختلاط في غالب مجالات الحياة ، خاصة مراكز
التعليم ، وأماكن العمل والوظائف ، بحيث صار من المشقة الكبيرة على المسلم أن ينأى
بنفسه عنها ، يُرَّخص لهم ما لا يرخص لغيرهم ممن حفظهم الله من هذه الأمور , خصوصا
إذا كان دخولهم إلى هذه الأماكن بهدف تحصيل علم نافع يعود بالمصالح على المسلمين ،
أو تتعلق به مصلحة راجحة .
وهذا الترخيص مبناه على القاعدة الفقهية المذكورة آنفا وهي : أن ما حرم سداً
للذريعة يباح للحاجة والمصلحة الراجحة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " والشريعة جميعها مبنية على أن المفسدة المقتضية
للتحريم ، إذا عارضتها حاجة راجحة : أُبيح المحرَّم" انتهى من "مجموع الفتاوى"
(29/49) .
وقال: " ما كان من باب سد الذريعة : إنما يُنهى عنه إذا لم يُحتج إليه ، وأما مع
الحاجة للمصلحة التي لا تحصل إلا به : فلا ينهى عنه " انتهى من " مجموع الفتاوى"
(23/214).
وقد سبق بيان هذه المسألة بالتفصيل وذكر أقوال أهل العلم في الفتوى رقم: (127946).
والله أعلم.