الحمد لله.
وقد نص أهل العلم على جواز
التقليد في أوقات الصلاة ، بشرط أن يكون المقلَّد عدلا عارفا بالمواقيت .
قال الحطاب المالكي في " مواهب الجليل في شرح مختصر خليل " (1 / 386):
"يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْمُؤَذِّنِ الْعَدْلِ الْعَارِفِ ، وَقَبُولُ قَوْلِهِ
مُطْلَقًا ، أَيْ : فِي الصَّحْوِ وَالْغَيْمِ . قَالَهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ
وَصَاحِبُ الذَّخِيرَةِ والبُرْزُليّ وَابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُمْ .
قَالَ فِي الطِّرَازِ ، لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى وَقْتِ الظُّهْرِ : وَيَجُوزُ أَنْ
يُقَلَّدَ فِي الْوَقْتِ ، مَنْ هُوَ مَأْمُونٌ عَلَى الْأَوْقَاتِ ، كَمَا
تُقَلَّدُ فِيهِ أَئِمَّةُ الْمَسَاجِدِ، وَلَمْ يَزَلْ الْمُسْلِمُونَ مِنْ
جَمِيعِ الْأَعْصَارِ فِي سَائِرِ الْأَمْصَارِ يُهْرَعُونَ إلَى الصَّلَاةِ عِنْدَ
الْإِقَامَةِ ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْتَبِرَ كُلُّ مَنْ يُصَلِّي قِيَاسَ الظِّلِّ
انْتَهَى.
وعلى ذلك : فالذي نراه في
مسألتكم : أن تلحق هذه المسألة بمثيلاتها من المسائل الاجتهادية وتتحرون ما ترونه
أقرب إلى الميقات الصحيح من هذه المواقيت ، فتتبعونه، كما سبق بيانه في الفتوى رقم
:(221293).
ومن قلَّد أيَّا من أئمة هذه المساجد وصلى معهم فصلاته صحيحة .
والأولى في هذه المسألة وغيرها من المسائل الخلافية : هو الأخذ بالقول الذي يحصل به
الخروج من الخلاف ؛ فعليكم أن تتبعوا من يؤخر صلاة الفجر بحيث تتيقنون من دخول
وقتها ، وكذلك الحال في العشاء ، خصوصا وأن تأخير العشاء مستحب ، كما سبق بيانه في
الفتوى رقم : (117751).
وبذلك تقع صلاتكم صحيحة باتفاق المجتهدين في حساب الأوقات ، لأنكم فعلتموها في زمن
يتفق الجميع على كونه وقتا للصلاة .
قال الشيخ شهاب الدين المكي ، المالكي ، رحمه الله في "إرشاد السالك" (1/13) :
" وَمَنْ شَكَّ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ : لَمْ يُصَلِّ ، وَيُؤَخِّرُ حَتَّى
يَتَحَقَّقَ ، أَوْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ ، دُخُولُهُ " انتهى .
والخروج من الخلاف ، متى أمكن ، ولم يوقع في محظور : مستحب ، قال النووي في "روضة
الطالبين وعمدة المفتين" (10 / 219): "الْعُلَمَاءَ مُتَّفِقُونَ عَلَى
اسْتِحْبَابِ الْخُرُوجِ مِنَ الْخِلَافِ ، إِذَا لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ إِخْلَالٌ
بِسُنَّةٍ " انتهى .
وقال ابن الحاج المالكي في " المدخل " (4 / 7): " الْخُرُوج مِنْ الْخِلَافِ
أَوْلَى؛ بَلْ أَوْجَبُ" انتهى.
وقال الحطاب في "مواهب الجليل في شرح مختصر خليل" (1 / 205): " الْخُرُوجَ مِنْ
الْخِلَافِ مَطْلُوبٌ" انتهى.
والله أعلم.