الحمد لله.
هذا الحديث رواه الحاكم في "المستدرك" (8718) ، والخرائطي في "مساوئ الأخلاق" (602)
، وابن عساكر في "معجمه" (389) ، وابن أبي الدنيا في "حسن الظن بالله" (118) ، وابن
أبي داود في "البعث" (32) من طريق عَبْد اللَّهِ بْن بَكْرٍ السَّهْمِيّ ، أَنْبَأَ
عَبَّادُ بْنُ شَيْبَةَ الْحَبَطِيُّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ أَنَسِ
بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه ُ، قَالَ: " بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ ، إِذْ رَأَيْنَاهُ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ
ثَنَايَاهُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بِأَبِي
أَنْتَ وَأُمِّي؟
قَالَ: ( رَجُلَانِ مِنْ أُمَّتِي جَثَيَا بَيْنَ يَدَيْ رَبِّ الْعِزَّةِ ،
فَقَالَ أَحَدُهُمَا: يَا رَبِّ خُذْ لِي مَظْلِمَتِي مِنْ أَخِي ، فَقَالَ اللَّهُ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلطَّالِبِ: فَكَيْفَ تَصْنَعُ بِأَخِيكِ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ
حَسَنَاتِهِ شَيْءٌ؟ قَالَ: يَا رَبِّ فَلْيَحْمِلْ مِنْ أَوْزَارِي ) ؟!
قَالَ: وَفَاضَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِالْبُكَاءِ ، ثُمَّ قَالَ:
( إِنَّ ذَاكَ الْيَوْمَ عَظِيمٌ ، يَحْتَاجُ النَّاسُ أَنْ يُحْمَلَ عَنْهُمْ مِنْ
أَوْزَارِهِمْ ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِلطَّالِبِ : ارْفَعْ بَصَرَكَ
فَانْظُرْ فِي الْجِنَانِ ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ ، فَقَالَ: يَا رَبِّ أَرَى
مَدَائِنَ مِنْ ذَهَبٍ وَقُصُورًا مِنْ ذَهَبً مُكَلَّلَةً بِالُّلؤْلُؤِ ؛ لِأَيِّ
نَبِيٍّ هَذَا ؟ أَوْ لِأَيِّ صِدِّيقٍ هَذَا ؟ أَوْ لِأَيِّ شَهِيدٍ هَذَا ؟
قَالَ: هَذَا لِمَنْ أَعْطَى الثَّمَنَ !!
قَالَ: يَا رَبِّ وَمَنْ يَمْلِكُ ذَلِكَ ؟
قَالَ: أَنْتَ تَمْلِكُهُ ، قَالَ: بِمَاذَا؟ قَالَ: بِعَفْوِكَ عَنْ أَخِيكَ ،
قَالَ: يَا رَبِّ فَإِنِّي قَدْ عَفَوْتُ عَنْهُ ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:
فَخُذْ بِيَدِ أَخِيكَ فَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ ) .
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ: (اتَّقُوا
اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُصْلِحُ بَيْنَ
الْمُسْلِمِينَ) " .
وهذا إسناد ضعيف جدا ، عباد
بن شيبة : قال ابن حبان : " مُنكر الْحَدِيث جدا عَلَى قلَّة رِوَايَته ، لَا
يَجُوز الِاحْتِجَاج بِهِ ، لما انْفَرد بِهِ من الْمَنَاكِير ".
ينظر : "كتاب المجروحين" (2/ 171) .
وسعيد بن أنس : قال البخاري: لا يتابع عليه ـ يشير إلى هذا الحديث ـ ، وقال
العقيلي: بصري مجهول بالنقل.
ينظر : "لسان الميزان" (3/ 24) .
والحديث صححه الحاكم، فتعقبه الذهبي بقوله : "عباد ضعيف، وشيخه لا يعرف".
وكذا استنكر تصحيحه المنذري في "الترغيب والترهيب" (3/211) فقال : " كذا قال!"
وقال ابن كثير: " إِسْنَادٌ غَرِيبٌ ، وَسِيَاقٌ غَرِيبٌ " .
انتهى من "البداية والنهاية" (20/ 40) .
وقال الحافظ ابن حجر في "المطالب العالية" (18/622) : " ضعيف جدا " .
وينظر تعليق المحققين على "المطالب العالية" .
وقال الألباني في "ضعيف الترغيب والترهيب" (1469) : " ضعيف جدا " .
وينظر : "عجالة الإملاء" للحافظ الناجي (5/1088-1093) .
وأيضا : "مختصر تلخيص الذهبي" لابن الملقن (7/3523- 3525) وتعليق المحققين ،
"النافلة في الأحاديث الباطلة" لأبي إسحاق الحويني ، رقم (96) .
وبالجملة :
فهذا الحديث لا يصح .
وفي فضل العفو، وإصلاح ذات البين ، من الآيات والأحاديث الصحيحة ، ما يغني عن هذا
الحديث وغيره مما لا يصح سنده .
والله أعلم .