الحمد لله.
وللفائدة ينظر جواب السؤال
رقم : (95114) .
ثانياً :
محبة غير الله لا تكون شركاً ، إلا إذا جعل الإنسان محبته لغير الله كمحبة الله ،
بأن قام في قلبه من الذل والخضوع والتعظيم لذلك المحبوب مع كمال الطاعة له ، فهذا
الذي يقع به الشخص في الشرك ، وأما المحبة الطبيعة المباحة التي لا تستلزم التعظيم
ولا الذل ، كمحبة المرأة لزوجها ، فهذه ليست من المحبة الشركية .
قال الشيخ سليمان حفيد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمهما الله :
" واعلم أن المحبة قسمان ، مشتركة ، وخاصة :
القسم الأول : المشتركة ، ثلاثة أنواع :
أحدها : محبة طبيعية ، كمحبة الجائع للطعام ، والظمآن للماء ، ونحو ذلك ، وهذه لا
تستلزم التعظيم.
الثاني : محبة رحمة وإشفاق ، كمحبة الوالد لولده الطفل ، وهذه أيضًا لا تستلزم
التعظيم .
الثالث : محبة أنس وألف ، وهي محبة المشتركين في صناعة ، أو علم أو مرافقة أو تجارة
أو سفر ، لبعضهم بعضًا ، وكمحبة الإخوة ، بعضهم بعضًا .
فهذه الأنواع الثلاثة ، التي تصلح للخلق ، بعضهم من بعض ، ووجودها فيهم لا يكون
شركا في محبة الله ، ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الحلواء والعسل ،
وكان يحب نساءه ، وعائشة أحبهن إليه ، وكان يحب أصحابه ، وأحبهم إليه الصِّدِّيق
رضي الله عنه .
القسم الثاني : المحبة
الخاصة التي لا تصلح إلا لله ، ومتى أحب العبد بها غيره ، كان شركا لا يغفره الله ،
وهي محبة العبودية ، المستلزمة للذل ، والخضوع والتعظيم ، وكمال الطاعة ، وإيثاره
على غيره ، فهذه المحبة لا يجوز تعلقها بغير الله أصلاً ، كما حققه ابن القيم ، وهي
التي سوَّى المشركون بين الله تعالى وبين آلهتهم فيها ، كما قال تعالى : ( وَمِنَ
النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ
اللَّهِ) " انتهى من " تيسير العزيز الحميد " (ص/402-403) .
وعليه ، فتُحمدين على حبك لزوجك وغيرتك عليه ، لكن بلا شك دون مبالغة تؤدي بك إلى عدم كراهية وقوع المعصية من زوجك ، فالواجب عليك كراهية المعصية منه مع بقاء المحبة له وجوب إسداء النصح إليه .
وبناء على هذا ، فهذه المحبة التي تسألين عنها هي محبة محمودة ، لأنها تجعل الحياة
الزوجية سعيدة مريحة ، مما يعين الزوجين على أمور دينهما ودنياهما .
ثم إننا ننبهك إلى خطر الوسوسة في هذا الأمر ، والمبالغة في التقديرات البعيدة : "
إذا خرج زوجي من الملة .. إذا دخل .. إذا فعل .. " ؛ بل عيشي حياتك ، كما يعيش
الناس ، واضبطي أمر محبتك - كما أشرنا سابقا- وليكن فائدة عيشك وبيتك من زوجك : أن
تكوني قاصرة الطرف ، على ما أحل الله لك ، وأنعم عليك من زوج تحبينه ويحبك ؛ واجعلي
ذلك كله عونا لك على طاعة الله ، وصلاح بيتك ، واستقامة أمر عيشك ؛ لا أن تبدلي
نعمة الله عليك نكدا ، ومبالغة ، وإفراطا يضر بقلبك ، ودينك ، وعيشك .
والله أعلم .