تأخير عرض الإسلام على من يريد الدخول فيه ، وحكم إسلام الصبي

18-06-2016

السؤال 244798


أتذكر ذهابي مرة إلى دولة أجنبية ، وتعرفي على بعض من الأصدقاء هناك ، وتحدثت معهم عن الإسلام ، وجاء أحداهم وأخبرني بأنه يريد دخول الإسلام ، وهو يبلغ من العمر ١٢ ، ولكننى رفضت خوفا من أهله ، وإن أسلمت ، فلن يجد من يرشده بعد سفرى ، ولأنني لم أشعر بجديته ؛ فهل أحاسب عليه يوم القيامة ؟

ملخص الجواب:

والحاصل : أنك أخطأت خطأ عظيما في تقصيرك هذا، والواجب عليك التوبة إلى الله تعالى من ذلك. وإن قدر الله لك العودة إلى هذا البلد ، ولقاء هذا الصبي ، أو أمكنك التواصل معه : فاحرص على دعوته للإسلام ، فلعل الله أن يهديه على يديك ، واحرص حينئذ على ربطه بأحد المراكز الإسلامية ليتولوا تعليمه ومؤازرته وتثبيته. والله أعلم.

الجواب

الحمد لله.


الكفر أعظم المنكرات ، وتجب المبادرة بإزالته على الفور ما أمكن ، ولهذا شدد الفقهاء فيمن طلب منه أحد الكفار أن يعرض عليه الإسلام ، أو طلب منه تلقين الشهادتين فلم يفعل ، حتى بالغ بعضهم فحكم بردته ، والصواب أنه معصية عظيمة .
قال النووي رحمه الله : " إذا أراد الكافر الإسلام فليبادر به ، ولا يؤخره للاغتسال ، بل تجب المبادرة بالإسلام ، ويحرم تحريما شديدا تأخيره للاغتسال وغيره.
وكذا إذا استشار مسلما في ذلك ، حرم على المستشار تحريما غليظا أن يقول له: أخره إلى الاغتسال ، بل يلزمه أن يحثه على المبادرة بالإسلا م، هذا هو الحق والصواب وبه قال الجمهور. وحكي الغزالي رحمه الله في باب الجمعة وجها أنه يقدم الغسل على الإسلام ليسلم مغتسلا ، قال: وهو بعيد. وهذا الوجه غلط ظاهر لا شك في بطلانه ، وخطأ فاحش ، بل هو من الفواحش المنكرات ، وكيف يجوز البقاء على أعظم المعاصي ، وأفحش الكبائر ، ورأس الموبقات ، وأقبح المهلكات ، لتحصيل غسل لا يحسب عبادة لعدم أهلية فاعله.
وقد قال صاحب التتمة في باب الردة : لو رضي مسلم بكفر كافر ، بأن طلب كافر منه أن يلقنه الإسلام فلم يفعل ، أو أشار عليه بأن لا يسلم ، أو أخر عرض الإسلام عليه بلا عذر، صار مرتدا في جميع ذلك ؛ لأنه اختار الكفر على الإسلام !!
وهذا الذى قاله إفراط أيضا، بل الصواب أن يقال: ارتكب معصية عظيمة " .
انتهى من " المجموع "(2/154).
ثانيا:
الصبي يصح إسلامه عند الجمهور، فتجب المبادرة إلى تلقينه الإسلام إذا طلب ذلك كما تقدم.
قال ابن قدامة رحمه الله : "والصبي إذا كان له عشر سنين ، وعقل الإسلام ، فأسلم ؛ فهو مسلم.
وجملته : أن الصبي يصح إسلامه في الجملة ، وبهذا قال أبو حنيفة وصاحباه وإسحاق وابن أبي شيبة وأبو أيوب.
وقال الشافعي وزفر : لا يصح إسلامه حتى يبلغ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (رفع القلم عن ثلاثة : عن الصبي حتى يبلغ ) حديث حسن ...
ولنا عموم قوله عليه السلام : (من قال لا إله إلا الله دخل الجنة) وقوله : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ؛ فاذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ) وقال عليه السلام : ( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه ، حتى يعرب عنه لسانه ، إما شاكرا وإما كفورا ) وهذه الأخبار يدخل في عمومها الصبي، ولأن الإسلام عبادة محضة ، فصحت من الصبي العاقل ، كالصلاة والحج، ولأن الله تعالى دعا عباده إلى دار السلام ، وجعل طريقها الإسلام ، وجعل من لم يجب دعوته في الجحيم والعذاب الأليم ؛ فلا يجوز منع الصبي من إجابة دعوة الله ، مع إجابته إليها وسلوكه طريقها، ولا إلزامه بعذاب الله والحكم عليه بالنار وسد طريق النجاة عليه ، مع هربه منها .
ولأن ما ذكرناه إجماع ؛ فإن عليا رضي الله عنه أسلم صبيا وقال :
سبقتكم إلى الإسلام طرًّا * صبيا ما بلغت أوان حلم
[ وقوله : طرًّا ؛ أي : جميعا ]
ولهذا قيل : أول من أسلم من الرجال أبو بكر ، ومن الصبيان علي ، ومن النساء خديجة ، ومن العبيد بلال.
وقال عروة : أسلم علي والزبير وهما ابنا ثمان سنين ، وبايع النبيُّ صلى الله عليه وسلم ابن الزبير لسبع أو ثمان سنين ، ولم يرُدَّ النبي صلى الله عليه وسلم على أحد إسلامه ، من صغير ولا كبير.
فأما قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( رفع القلم عن ثلاث ) : فلا حجة لهم فيه ؛ فإن هذا يقتضي أن لا يكتب عليه ذلك ، والإسلام يكتب له لا عليه ، ويسعد به في الدنيا والآخرة ، فهو كالصلاة : تصح منه ، وتكتب له ، وإن لم تجب عليه ، وكذلك غيرها من العبادات المحضة...

إذا ثبت هذا فإن الخِرقِيَّ اشترط لصحة إسلامه شرطين : أحدهما : أن يكون له عشر سنين، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بضربه على الصلاة لعشر.
والثاني : أن يعقل الإسلام . ومعناه : أن يعلم أن الله تعالى ربه لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله، وهذا لا خلاف في اشتراطه ، فإن الطفل الذي لا يعقل لا يتحقق منه اعتقاد الإسلام ، وإنما كلامه لَقْلَقة بلسانه ، لا يدل على شيء.
وأما اشتراط العشر : فإن أكثر المصححين لإسلامه لم يشترطوا ذلك ، ولم يحدوا له حدا من السنين ، وحكاه ابن المنذر عن أحمد؛ لأن المقصود متى ما حصل ، لا حاجة إلى زيادة عليه. وروي عن أحمد إذا كان ابن سبع سبين فإسلامه إسلام ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مروهم بالصلاة لسبع ) فدل على أن ذلك حد لأمرهم ، وصحة عباداتهم ، فيكون حدا لصحة إسلامهم " انتهى من " المغني " (10/85). .

على أن الطفل في هذه السن (12 عاما) قد يكون بالغا، وانظر علامات البلوغ في جواب السؤال رقم : (197392) .

دعوة غير المسلمين
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب