الحمد لله.
ومعنى " أبتّ طلاقي " : أي :
طلقني طلاقا حصل معه قطع عصمتي منه ، وهي الطلقة الثالثة .
وقوله عليه الصلاة والسلام : (حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك) : كناية عن الجماع .
قال النووي رحمه الله : " وفي هذا الحديث أن المطلقة ثلاثا لا تحل لمطلقها حتى تنكح
زوجا غيره ، ويطأها ثم يفارقها , وتنقضي عدتها . فأما مجرد عقده عليها فلا يبيحها
للأول ، وبه قال جميع العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم " انتهى من "شرح
مسلم" ( 10 / 3 ) .
ثانيا:
نكاح التحليل : هو أن ينكحها من أجل أن يحلها لزوجها الأول ، ثم يطلقها ، وهو محرم
وفاسد في قول عامة أهل العلم ، ولا تحل به المرأة لزوجها الأول .
وسواء في ذلك إذا صرح بقصده عند العقد ، واشترطوا عليه أنه متى أحلها لزوجها طلقها
، أو لم يشترطوا ذلك وإنما نواه في نفسه فقط .
وانظر : "المغني" (7/ 574).
وقد روى أبو داود (2076) أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ
) . وصححه الألباني في " صحيح أبي داوود " .
والْمُحَلِّلَ هو من تزوجها ليحلها لزوجها الأول . وَالْمُحَلَّلَ له هو زوجها
الأول .
وروى ابن ماجة (1936) عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : ( أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالتَّيْسِ الْمُسْتَعَارِ ؟ ) ، قَالُوا : بَلَى ،
يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : ( هُوَ الْمُحَلِّلُ ، لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ
، وَالْمُحَلَّلَ لَهُ) وحسنه الألباني في " صحيح سنن ابن ماجة " .
وروى عبد الرزاق (6/265) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال وهو يخطب الناس : "
والله لا أوتى بمحلٍّ ومحلَّل له إلا رجمتهما " .
ثالثا:
نكاح التحليل فاسد .
قال ابن قدامة رحمه الله : " ونكاح المحلل فاسد،, يثبت فيه سائر أحكام العقود
الفاسدة ، ولا يحصل به الإحصان ، ولا الإباحة للزوج الأول ، كما لا يثبت في سائر
العقود الفاسدة " .
انتهى من "المغني" (7/ 574).
وعليه : فهذا النكاح وجوده كعدمه ، فإذا طلقك الزوج الثاني فإنه لا يملك أن يرجعك
إلى ذمته ، لأن الرجعة لا تكون إلا في نكاح صحيح .
لكن إذا رغبت في الزواج من هذا الرجل [ الزوج الثاني ] : فليعقد عليك عقدا صحيحا،
نكاحَ رغبة ، لا نكاح تحليل ، ويلزمكما التوبة مما أقدمتما عليه من النكاح المحرم
سابقا.
وهذا النكاح الصحيح إن تم : فليس نكاح تحليل .
ولو فرض أن مات عنك الزوج الثاني ، أو طلقك، فإنك تحلين للأول.
والله أعلم.