الحمد لله.
وحبذا لو جلستما مع أخصائي نفسي في الاستشارات الزوجية Couples counselling ، لما في ذلك من كشف لمواطن الخلل الدقيقة ، ومعالجتها بشكل عملي فعال .
• ثم اعلمي أن استشارة الزوج لزوجه ليست من الواجبات المتعينة على الزوج ، بل له
أن يستشير من يثق برأيه وخبرته من أهله أو أصدقائه أو الخبراء من غير معارفه .
وغاية ما في استشارة الرجل لأهل بيته أنها من جملة المستحبات والفضائل ، وحسن
العشرة ، ومكارم الأخلاق ؛ ثم إن الناس يتفاوتون في طباعهم ، وأخلاقهم ، وأنماط
تفكيرهم وسلوكهم ؛ فكوني حكيمة يا أمة الله ، ولا تغرري ببيتك ، وحياتك مع زوجك ،
واغتفري له شيئا من جفوته ، وشيئا من استبداده برأيه ، ما دام الأمر لم يدخل في
مأثم ، ولم يترتب عليه ضرر ظاهر بك وبأسرتك ؛ فاحتملي منه ما تكرهين ؛ فإن في الصبر
على ما يكره العبد ، خيرا كثيرا ، كما أخبر به الصادق المصدوق ، صلى الله عليه وسلم
.
• وفيما يتعلق بغريزة الأم ، فالغريزة في علم اللغة هي الفطرة أو الطبيعة ، وفي
علم النفس هي السلوك الإنساني المعتمد على الفطرة أو الوراثة ، فكل إنسان له غرائز
وطبائع تختلف باختلاف الجوانب الفطرية أو العوامل الوراثية .
وعليه ؛ فغريزة الأم ما هي إلا سلوكيات الأم المعتمدة على الفطرة أو الوراثة ، ومن
أشهر صور هذه الغرائز الطبيعية : غريزة حماية الأم لولدها ، ودفع ما يؤذيه عنه .
لكن هذه الغريزة ربما تعكرت واختلت ببعض التصورات الاجتماعية المضطربة ، والتي ترى
الأم بسببها المصالح مفاسد ، والمنافع أضرارا ، فتنقلب عليها الحقائق ، وتلتبس
عليها الأمور .
وعليه فلا ينبغي أن يعتمد عليها إلا إذا تبين اتزانها ، وعدم اختلالها بالمعايير
الدخيلة على الفطرة السوية ، والطبائع المرضية .
وهذا نفس ما يقال فيما يتعلق بغريزة الأب وما يترتب عليها .
• وأخيرا .
فينبغي على زوجكِ أن يترفق بأمكِ ، وأن يصاحبها بالمعروف ، حتى وإن اختلفت معه في
الرأى ، ذلك بأنها في منزلة الوالدة ، والدفع بالتي هي أحسن في مقابل الإساءة له
أثر ساحر على نفوس الناس ، قال تعالى : ( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا
الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا
يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ
) فصلت/34-35 .
وينبغي عليكِ ، مع ذلك : مراعاة كراهة زوجكِ لاستشارتكِ لأمكِ ، ذلك بأن إصراركِ
على استشارتها ، والرجوع لآرائها ، رغم ما ذكرت من اضطراب العلاقة بينهما : يزيد من
تعقيد الخلاف في المنزل ، فالرجل لا يحب أن يتدخل الموافق في قراره وقوامته ، فما
ظنك بالمخالف له ؟!
فلا تفعلي ما يكره ، ولا تمتنعي عما يحب ، وأبشري ببشرى رسول الله صلى الله عليه
وسلم :
( إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خُمُسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَصَّنَتْ
فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ بَعْلَهَا دَخَلَتْ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ
شَاءَتْ ) رواه ابن حبان (4163) ، وحسنه الألباني .
والله تعالى أعلم .