الحمد لله.
2-وإن كانت أنثى ، فإنها
تخير أيضا عند الشافعي رحمه الله .
وقال أبو حنيفة : الأم أحق بها حتى تُزوج أو تحيض .
وقال مالك : الأم أحق بها حتى تزوج ويدخل بها الزوج .
وقال أحمد : الأب أحق بها ؛ لأن الأب أولى بحفظها ، فتكون عند الأب وجوبا إلى
البلوغ ، وبعد البلوغ تكون عنده أيضا إلى الزفاف وجوبا.
انظر : "الموسوعة الفقهية" (17/314- 317).
ثانيا:
تنتهي الحضانة بالبلوغ والرشد ، لكن لا تنفرد البنت بالسكن عن حاضنها .
قال في "كشاف القناع"
(5/499): " ولا تثبت الحضانة على البالغ الرشيد العاقل ، لأنه استقل بنفسه ، وقدر
على إصلاح أموره بنفسه ، فوجب انفكاك الحجر عنه .
وإليه الخيرة في الإقامة عند من شاء من أبويه ، لأنه لم تثبت الولاية عليه لأحد ،
فإن كان رجلا فله الانفراد بنفسه ، ويستحب للولد أن لا ينفرد عنهما، ولا يقطع بره
عنهما لحديث : (من أبر ...)
وإن كانت جارية : فليس لها الانفراد بنفسها ، ولأبيها، وأوليائها عند عدمه : منعها
من الانفراد ، لأنه لا يؤمن عليها أن تخدع "...
وقال: " والجارية إذا بلغت سبع سنين فأكثر ، فعند أبيها إلى البلوغ ، وجوبا ، وبعد
البلوغ تكون عنده أيضا إلى الزفاف وجوبا ، ولو تبرعت الأم بحضانتها ، لأن الغرض من
الحضانة الحفظ والأب أحفظ لها ، وإنما تخطب منه ، فوجب أن تكون تحت نظره ، ولا يصار
إلى تخييرها لأن الشرع لم يرد به فيها" انتهى.
وعلم بهذا أن أولادك الذكور
البالغين الراشدين العقلاء لا حضانة عليهم ، بل هم الذي يختارون إما الإقامة معك ،
أو مع والدهم ، أو منفردين .
والبنات يكن عند أبيهن حتى الزواج .
وأن ابنك الذي أتم سبع سنين : يخير بين البقاء معك أو مع أبيه.
ثالثا:
ما تقدم هو الأصل، إذا كان كل من الزوجين صالحا للحضانة، فإن كان بأحدهما مانع
يمنعه من حفظ المحضون ورعايته ، كانت الحضانة للآخر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وأحمد وأصحابه إنما يقدمون الأب إذا لم يكن عليها في ذلك ضرر ، فلو قدر أنه عاجز
عن حفظها وصيانتها ، أو مهمل لحفظها وصيانتها ، فإنه يقدم الأم في هذه الحالة .
فكل من قدمناه من الأبوين : إنما نقدمه إذا حصل به مصلحتها ، أو اندفعت به مفسدتها
، فأما مع وجود فساد أمرها مع أحدهما : فالآخر أولى بها بلا ريب " .
انتهى من "مجموع الفتاوى" (34/131).
وقال ابن القيم: " على أنا إذا قدمنا أحد الأبوين ، فلا بد أن نُراعي صيانته وحفظَه
للطفل، ولهذا قال مالك والليث : إذا لم تكن الأم في موضع حرزٍ وتحصين ، أو كانَتْ
غيرَ مرضية ، فللأب أخذُ البنت منها، وكذلك الإِمامُ أحمد رحمه اللّه في الرواية
المشهورة عنه، فإنه يعتبر قدرتَه على الحفظ والصيانة . فإن كان مهملاً لذلك ، أو
عاجزاً عنه، أو غيرَ مرضي ، أو ذا دِياثة ، والأم بخلافه، فهي أحقُّ بالبنتِ بلا
ريب .
قال شيخنا: وإذا ترك أحدُ الأبوين تعليم الصبي ، وأمره الذي أوجبه اللّه عليه، فهو
عاصٍ، ولا وِلاية له عليه، بل كُلُّ من لم يقم بالواجب في ولايته ، فلا ولاية له ،
بل إما أن تُرفع يدُه عن الولاية ويُقام من يفعل الواجب ، وإما أن يُضم إليه مَنْ
يقومُ معه بالواجب ، إذ المقصودُ طاعةُ الله ورسوله بحسب الإِمكان..... فلو قدر أن
الأب تزوج امرأة لا تراعي مصلحة ابنته، ولا تقوم بها ، وأمها أقوم بمصلحتها من تلك
الضرة، فالحضانة للأم قطعاً >
"انتهى من "زاد المعاد" (5/424).
وقال في الروض المربع " ولا
يقر محضون بيد من لا يصونه ويصلحه ، لفوات المقصود من الحضانة" انتهى من "الروض مع
الحاشية" (7/160).
وعليه : فإن كان الأب لا
يستطيع الحضانة لمرضه، فالحضانة لك، فإن حصل نزاع ، فالمرجع للقاضي الشرعي.
رابعا:
إذا كان لأولادك مسكن ، يخص والدهم ، أو يدفع أجرته، فسمح لك بالسكن معهم، دون حصول
خلوة معه ، أو فتنة، فلا حرج.
وهل يلزم الأب أجرة سكن لولده المحضون؟
في هذا خلاف بين الفقهاء، سبق بيانه في جواب السؤال رقم : (85331)
.
وذكرنا في ذلك قولا وسطا ، وهو : وجوب أجرة السكن للولد إذا كانت الأم ليس لها سكن
، فإن كان لها سكن فلا يلزم الأب أجرة سكنه ، بل يسكن مع أمه.
وعند الاختلاف يرجع إلى القاضي الشرعي.
وينبغي التنبيه إلى أن الأب
إذا كان مريضا يحتاج إلى أحد يخدمه ، وليس عنده من يقوم بذلك فالواجب على أولاده أن
يقوموا بخدمته ، فلا يجوز لهم تركه والإقامة مع والدتهم ، أو منفردين ، بما يؤدي
إلى إهماله ، وترك خدمته ، بل الواجب أن يبقى معه من يقوم بخدمته ، ولو بالتناوب
بين الأبناء ، بحيث تحصل كفايته بهم .
والله أعلم.