الحمد لله.
أولا:
يجب إنقاذ الغريق على من يقدر على ذلك ، ولو كان في صلاة ، أو كان صائما وكان
الإنقاذ يستلزم فطره ، ويأثم بترك إنقاذه .
وفي "الموسوعة الفقهية" (31/ 183):" إغاثة الغريق والعمل على إنجائه من الغرق :
واجب على كل مسلم متى استطاع ذلك ، يقول الفقهاء : يجب قطع الصلاة لإغاثة غريق إذا
قدر على ذلك، سواء أكانت الصلاة فرضا أم نفلا ، وسواء استغاث الغريق بالمصلي ، أو
لم يعيّن أحدا في استغاثته ، حتى ولو ضاق وقت الصلاة ؛ لأن الصلاة يمكن تداركها
بالقضاء ، بخلاف الغريق".
واختلف الفقهاء فيما يترتب على من ترك إنقاذ الغريق:
ففي المصدر السابق (31/ 183): " اتفق الفقهاء على أن المسلم يأثم بتركه إنقاذ
الغريق معصوم الدم ، لكنهم اختلفوا في حكم تركه إنقاذه ، هل يجب عليه القصاص ، أو
الدية ، أو لا شيء عليه ؟
فعند الحنفية والشافعية والحنابلة - عدا أبي الخطاب - على ما يفهم من كلامهم : أنه
لا ضمان على الممتنع من إنقاذ الغريق إذا مات غرقا ؛ لأنه لم يهلكه ، ولم يحدث فيه
فعلا مهلكا ، لكنه يأثم .
وعند المالكية وأبي الخطاب من الحنابلة يضمن ؛ لأنه لم ينجه من الهلاك مع إمكانه ،
قال المالكية : وتكون الدية في ماله إن ترك التخليص عمدا ، وعلى عاقلته إن تركه
متأولا" انتهى.
ثانيا:
إذا شرع الإنسان في إنقاذ الغريق ، فتشبث به فخشي على نفسه الهلاك، تركه.
قال الشوكاني رحمه الله: " لا شك أن إنقاذ الغريق من أهم الواجبات على كل قادر على
إنقاذه ، فإذا أخذ في إنقاذه ، فتعلق به حتى خشي على نفسه أن يغرق مثله : فليس عليه
في هذه الحالة وجوب ، لا شرعا ولا عقلا، فيخلص نفسه منه ، ويدعه، سواء كان قد أشرف
على النجاة أم لا، بل ظاهر قوله تعالى: ( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى
التَّهْلُكَةِ ) [البقرة: 195]، أنه يجب عليه تخليص نفسه.
والآية هذه ، وإن كانت واردة على سبب خاص ، كما في سنن أبي داود وغيرهما ؛
فالاعتبار بعموم اللفظ ، لا بخصوص السبب ، كما تقرر في الأصول ، وهو الحق" انتهى من
السيل الجرار، ص892 .
ثالثا:
يظهر من السؤال أن المنقذ دفع صاحبه ، من غير قصد ، فأدى ذلك إلى ابتلاعه الماء،
وربما كان السبب في غرقه.
ويتعلق بهذا أمران:
الأول: الإثم: فلا إثم عليه ، إن كان ذلك دون قصد؛ لما تقرر في الشريعة من رفع
الجناح والإثم عن المخطئ، ولأنه إنما أراد إنقاذ أخيه ، لا إهلاكه.
الثاني: الضمان وكون هذا من باب القتل الخطأ أو التسبب في القتل: وهذا يُرجع فيه
إلى أهل الخبرة، فإن قالوا: إن هذا الدفع سبب في الغرق، فإنه يضمنه، فتلزمه الكفارة،
والدية على عاقلته. والكفارة صيام شهرين متتابعين.
وينظر الكلام على الدية والكفارة في جواب السؤال رقم : (52809)
، ورقم : (130703)
.
وإن قال أهل الخبرة: إن هذا الدفع لا يترتب عليه غرق، أو إن هذا من وسائل الإنقاذ،
فلا شيء عليه.
والله أعلم.