الحمد لله.
الأصل أن يصلى على كل مسلم يقول : لا إله إلا الله ، ولا يعلم وقوعه في ناقض من
نواقضها ، فإذا جيء بجنازة للمسجد صلى عليها الإمام ، حملا على هذا الأصل ، وتغليبا
لحسن الظن، فلا يسأل ولا يستفصل .
ومن شك في حال الميت لوجود قرائن تدل على أنه لم يكن يصلي ، فإنه يصلي عليه ويشترط
في الدعاء ، فيقول : اللهم إن كان مؤمنا فاغفر له وارحمه ، كما سبق بيانه في جواب
السؤال رقم : (130202) .
وكذلك الأمر في مسألة الدين، فلا حاجة للسؤال عن ذلك ؛ لأن الصلاة على المدين جائزة
، بل تجب الصلاة عليه ، وإنما كان صلى الله عليه وسلم يمتنع عن الصلاة على المدين
الذي لم يترك وفاء لدينه ، ترغيبا لهم في الوفاء ، وزجرا عن المماطلة كما قال أهل
العلم.
ثم إن جماعة من أهل العلم قالوا : إن ذلك كان أول الأمر ثم نسخ .
روى البخاري (2298) ، ومسلم (1619) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :
" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُؤْتَى
بِالرَّجُلِ الْمُتَوَفَّى عَلَيْهِ الدَّيْنُ ، فَيَسْأَلُ : ( هَلْ تَرَكَ
لِدَيْنِهِ فَضْلًا )، فَإِنْ حُدِّثَ أَنَّهُ تَرَكَ لِدَيْنِهِ وَفَاءً : صَلَّى
؛ وَإِلَّا قَالَ لِلْمُسْلِمِينَ : ( صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ ) ،
فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْفُتُوحَ ، قَالَ : ( أَنَا أَوْلَى
بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ؛ فَمَنْ تُوُفِّيَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ
فَتَرَكَ دَيْنًا فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ ، وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ ) ".
قال المنذري رحمه الله في " الترغيب والترهيب " (2/378): " قد صح عن النبي صلى الله
عليه وسلم أنه كان لا يصلي على المدين ، ثم نسخ ذلك ".
وممن نص على النسخ: ابن بطال في شرحه على البخاري (6/427)، وابن قدامة في " المغني
" (2/418).
وسئل الشيخ ابن باز رحمه
الله : " هل تجوز الصلاة على الميت وهو عليه دين؟
ج: نعم ، يصلى عليه ، وإن كان عليه دين ، كان النبي صلى الله عليه وسلم أولا ترك
ذلك، ثم صلى عليهم وقضى ديونهم ، عليه الصلاة والسلام ، فيصلى عليه وإن كان عليه
دين ، ويجتهد الورثة ، أو الوصي في قضاء دينه ، يجب على الورثة أن يبادروا بقضاء
الدين أو الوصي ، إن كان له وصي يبادر بقضاء الدين" انتهى من " فتاوى نور على الدرب
"(14/51).
والله أعلم.