الحمد لله.
أولا:
ينبغي على الزوجين الوفاء بما شرط في النكاح، ما لم يخالف الشرع؛ لما روى البخاري (2721) ومسلم (1418) عن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ).
وقد اختلف أهل العلم في وجوب الوفاء بذلك، فذهب كثير منهم إلى استحبابه، وذهب بعضهم إلى وجوبه.
قال المرداوي في الإنصاف (8/ 157): " حيث قلنا بصحة شرط سكنى الدار أو البلد، ونحو ذلك: لم يجب الوفاء به على الزوج. صرح به الأصحاب. لكن يستحب الوفاء به. وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله في رواية عبد الله. ومال الشيخ تقي الدين رحمه الله إلى وجوب الوفاء بهذه الشروط، ويجبره الحاكم على ذلك" انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " واعلم أن الأصل في جميع الشروط في العقود الصحة حتى يقوم دليل على المنع؛ والدليل على ذلك عموم الأدلة الآمرة بالوفاء بالعقد: ياأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود [المائدة: 1]، وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا [الإسراء: 34]، وكذلك الحديث الذي روي عن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ: المسلمون على شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا. وكذلك قوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ: كل شرط ليس فيه كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط.
فالحاصل: أن الأصل في الشروط الحل والصحة، سواء في النكاح، أو في البيع، أو في الإجارة، أو في الرهن، أو في الوقف .
وحكم الشروط المشروطة في العقود إذا كانت صحيحة أنه يجب الوفاء بها في النكاح وغيره؛ لعموم قوله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ) فإن الوفاء بالعقد يتضمن الوفاء به وبما تضمنه من شروط وصفات؛ لأنه كله داخل في العقد" انتهى من الشرح الممتع (12/ 163).
فيلزم الزوجة أن توفي بما اتفقتما عليه من إجراء الجراحة، ما لم يكن ضرر عليها.
ونصيحتنا لك أن تمسك زوجك، وتتقي الله تعالى فيها، وأن تعذرها في موقفها هذا، فإن الوفاء بهذه الشروط فيه خلاف مشهور عند أهل العلم، وأكثرهم على عدم وجوب الوفاء بها؛ لأنها من قبيل الوعد، والوفاء به مستحب. وإن كان الراجح وجوب الوفاء بالوعد، لاسيما إذا دخل الإنسان به في كلفة والتزم أمورا لأجله.
ثم إن الوفاء بهذا الشرط قد يكون ضررا عليها، لاحتمال أن تفشل العملية وتفقد مالها.
ولك أن تتزوج من أخرى، فإن الزواج بها لا يتوقف على إذن الزوجة، ما لم تشترط في العقد عدم الزواج عليها ، وهي بنفسها قد اقترحت عليك ذلك .
فنحن نرى أن ذلك خير لكما ، وتجمع بين المصلحتين : مصلحتك في الزواج بمن تنجب منها ، ومصلحة الحفاظ على بيتك القائم ، وزوجتك ، ولعل الله أن يجعل لكما من ذلك خيرا ويسرا .
والله أعلم.