حكم العمل في شركة لتمويل المشاريع وإقراض الأفراد.

27-04-2017

السؤال 257750

جزاكم الله عنا خير الجزاء . أنا فتاة مضى على تخرجي من الجامعة عام وثمانية أشهر وإلى الآن لم يكتب لي الله أن أعمل وأن أجد وظيفة ، تم استدعائي لأقابل بشركة لتمويل المشاريع الصغيرة عن طريق القروض الممنوحة من الشركة إلى الأفراد بغية إعانتهم ومساعدتهم ، قابلت وبعد يومين باشرت أيام التدريب على الوظيفة مع الموظفين وبدأت أتعلم العمل المطلوب بالشركة . الاسم الوظيفي لهذه الوظيفة هو " ضابط إقراض " أي اقوم باستقبال الزبون أو " العميل " وآخد بياناته كاملة وأقدم طلب القرض للمدير ثم تتم الاجراءات كافة وبعدها استدعي هذا الشخص على الهاتف وأسلمه الشيك بالمبلغ المطلوب مع إجراء كافة الإجراءات من تواقيع وبصمة وما إلى ذلك . الشركة تأخذ فوائد على كل قرض ومن هذه الفوائد يتم زيادة راتب كل موظف . حيث إن الراتب قليل ، والدوام ساعات طويلة ولمدة ستة أيام بالأسبوع , الراتب الاساسي قيمته 200 دينار فقط وتبدأ الزيادة عليه بناء على أسس تحددها الشركة ومن أهم ما يعطي زيادة للراتب هو زيادة عدد العملاء بحيث كل ما سجلت عملاء جدد وصرفت لهم شيكات كلما أخذت زيادة على راتبي وهكذا ... السؤال هل عملي فيه شيء محرم أو ماله مال حرام وراتبي حرام ؟ مع العلم أنني أبحث أنا واخواتي عن عمل لكن لم نحصل على أي وظيفة ثابته فلا يوجد أي فرد يعمل بالمنزل .. أتمنى أن أعرف الجواب حتى أطمئن بالعمل أو أتركه إن كان محرما وأبحث عن غيره والله يتولى رزقي .

الجواب

الحمد لله.

لا شك أن الإقراض بفائدة من الربا المحرم المجمع على تحريمه، فمن أقرض إنسانا 100 على أن يردها 110 أو 120 مثلا، فهذا عين الربا المحرم الذي توعد الله أهله بالحرب إن لم يتوبوا ويقلعوا.

قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) البقرة/278 - 279.

وروى مسلم (1598) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: (لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: هُمْ سَوَاءٌ) .

قال القرطبي رحمه الله في تفسيره (3/ 241): " وأجمع المسلمون نقلا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم أن اشتراط الزيادة في السلف: ربا، ولو كان قبضةً من علف - كما قال ابن مسعود - أو حبة واحدة" انتهى.

وقال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (6/ 436): " وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف. قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المُسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية، فأسلف على ذلك: أن أخذ الزيادة على ذلك ربا.

وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة " انتهى.

وهذا الربا لا يجوز الإعانة عليه بوجه من الوجوه، لا بدعوة العملاء، ولا بتسجيل بياناتهم، ولا بكتابة العقود الربوية معهم، ويخشى على من فعل ذلك أن يحل به اللعن الوارد في الحديث.

وقد قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2.

 فالواجب عليك ترك هذا العمل، والحذر من غضب الله وعقابه.

واجتهدي في البحث عن العمل المباح، واعلمي أن الرزق من الله تعالى، وأن خزائنه ملأى، وأن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، ومن اتقاه رزقه وزاده.

قال سبحانه: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) (الطلاق:2،3).

وقال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ رُوحَ القُدُسِ نَفَثَ في رُوعي أَنّه لَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتكْمِلَ رِزْقَهَا فَاتَّقُوا اللهَ وَأَجْمِلُوا في الطَّلَبِ وَلاَ يَحْمِلَنّكُمُ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ عَلَى أَن تَطْلُبُوهُ بِمَعْصِيَةِ اللهِ فَإِنَّ مَا عِنْدَ اللهِ لاَ يُنَالُ إِلاَّ بِطَاعَتِهِ ) رواه أبو نعيم في الحلية، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (2085).

نسأل الله أن يوسع عليكم، وأن يرزقكم من فضله.

والله أعلم.

الربا
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب