الحمد لله.
أولا:
من قال كلاما يحتمل معنى صحيحا ومعنى كفريا، وهو يقصد المعنى الصحيح : فإنه لا يكفر بذلك.
لكن ينظر في الحامل له على الكلام بذلك، لا سيما إذا ترتب عليه أخذ إنسان للمعنى الكفري ، وارتداده به، فإن قصد إلى ذلك، فهذه دعوة للكفر والردة، يكفر بها صاحبها.
وإن لم يقصد إلى ردة صاحبه، فلا يكفر، وقد يأثم ، أو لا يأثم ، بحسب الحامل له على الكلام.
والواجب عليه أن يدعو صاحبه إلى الإسلام، وأن ينكر عليه ردته، وأن يبين له مقصده من ذلك الكلام .
فإن لم يفعل مع القدرة أثم، ولا يكفر إلا إذا رضي بكفر صاحبه .
ومجرد السكوت أو الإمساك عن دعوته لا يعني رضاه بكفره.
قال النووي رحمه الله: " وقد قال صاحب التتمة في باب الردة: لو رضى مسلم بكفر كافر ، بأن طلب كافر منه أن يلقنه الاسلام فلم يفعل ... أو أخر عرض الإسلام عليه بلا عذر : صار مرتدا في جميع ذلك؛ لأنه اختار الكفر علي الاسلام.
وهذا الذى قاله إفراط أيضا، بل الصواب أن يقال: ارتكب معصية عظيمة" انتهى من المجموع (2/ 154).
ثانيا:
من دعا الناس إلى كفر أو ردة ، ثم تاب وأسلم : صح إسلامه .
ولا يشترط لذلك أن يدعو من كفر أو ارتد بسببه .
لكن يدخل هذا في باب إنكار المنكر، والدعوة إلى الله، وهي : إما فرض عين ـ أو فرض كفاية .
فإن لم يوجد غيره، أو لم يعلم بحال الكافر غيره، تعينت عليه الدعوة والإنكار، فإن لم يفعل مع القدرة أثم.
وقد نص العلماء على أن من تاب من ذنب بعد أن تعاطى سببه، فقد أتى بما هو واجب عليه، وإن بقي أثره، كمن رجع عن بث بدعة بعد أن كثر أتباعه فيها .
وإلى هذا أشار صاحب مراقي السعود بقوله:
من تاب بعد أن تعاطى السببا ... فقد أتى بما عليه وجبا
وإن بقي فساده كمن رجع ... عن بث بدعة عليها يتبع
قال الشيخ الأمين الشنقيطي رحمه الله :
" يعني : أن التائب من المعصية ، بعد أن تعاطى سببها : آت بالواجب عليه ، وإن بقي فساده، كمن تاب من بدعة بعدما بثها في الناس، وقبل أخذهم بها ، أو بعده، وقبل رجوعهم عنها... فالتائب في هذه المسائل : آت بالواجب عليه" انتهى من نثر الورود شرح مراقي السعود (1/ 179).
ولهذا لم يُعلق إسلام أحد من الصحابة على دعوته لمن كان تابعا له في الجاهلية، كما ذكرت.
وانظر للفائدة: جواب السؤال رقم (177381)
والنصيحة لك أن تنأى بنفسك عن الخطرات والوساوس ، فإن ذلك باب سوء وشر ، والعياذ بالله ، ومتى استمكن من صاحبه ، أوشك أن يفسد عليه دينه ودنياه .
والله أعلم.