الحمد لله.
أولا:
من سأل غيره مالا فأعطاه، ثم ادعى السائل أن المال كان صدقة أو هبة، وقال المعطي: إنه قرض، فالقول قول المعطي.
جاء في العقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية (2/ 84) ـ من كتب الأحناف ـ : "سئل فيما إذا دفعت هند لزيد مبلغا معلوما من الدراهم ، على سبيل القرض ، فطالبته بالمبلغ المزبور ، فقال إنك دفعته لي هبة ، وقالت بل قرضا ، فهل يكون القول قولها بيمينها في ذلك ، وعليه رد مثل القرض المزبور؟
(الجواب) : نعم ، دفع لآخر عينا ثم اختلفا فقال الدافع قرض ، وقال الآخر هدية : فالقول قول الدافع" انتهى.
وفيها (2/ 19): " دفع إلى ابنه مالا ، فأراد أخذه : صُدّق أنه دفعه قرضا؛ لأنه مملك دفع إليه دراهم ، فقال له أنفقها ، ففعل فهو قرض، كما لو قال اصرفها إلى حوائجك" انتهى.
وقال في كشاف القناع (2/ 274): "(ولو سأله مَن ظاهرُه الفقرُ ، أن يعطيه شيئا) ، وأطلق، فدفع إليه، ثم اختلفا هل هو قرض أو صدقة؟ : (قُبل قولُ الدافع في كونه قرضا) ؛ لأنه أدرى بنيته (كسؤاله مقدارا، كعشرة دراهم) ؛ لأن التقدير قرينة القرض.
(وإن قال) السائل: (أعطني شيئا، إني فقير، قبل قول الفقير في كونه صدقة) عملا بقرينة قوله: إنه فقير" انتهى.
فتبين بهذا أن المال الذي أخذته، يعتبر دينا عليك؛ لأن أخاك قد ادعى أنه أعطاه لك قرضا، وأنت لم تقل له أعطني صدقة ، أو إحسانا ومساعدة .
ثانيا:
إذا ثبت هذا فإنه لا يلزمك إلا المبلغ الذي أخذته، ولا عبرة بما كان يذهب إليه أخوك فيما يتعلق بموضوع التضخم؛ فإن القرض يرد بمثله لا بقيمته.
فما دامت العملة قائمة لم تُلغ، فإنه لا يلزمك إلا سداد ما أخذت، وهو 1500 دينار.
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي رقم : 42 ( 4 / 5 ) بشأن تغير قيمة العملة :
" إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي " المنعقد في دورة مؤتمره الخامس بالكويت من 1-6 جمادى الأولى 1409هـ الموافق10-15 كانون الأول (ديسمبر) 1988 م ، بعد اطلاعه على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع تغير قيمة العملة ، واستماعه للمناقشات التي دارت حوله ، وبعد الاطلاع على قرار " المجمع "رقم 21 ( 9 / 3 ) في الدورة الثالثة ، بأن العملات الورقية نقود اعتبارية فيها صفة الثمنية كاملة ، ولها الأحكام الشرعية المقررة للذهب والفضة من حيث أحكام الربا والزكاة والسلم وسائر أحكامها :
قرر ما يلي :
العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما : هي بالمثل وليس بالقيمة ؛ لأن الديون تُقضى بأمثالها ، فلا يجوز ربط الديون الثابتة في الذمة ، أيا كان مصدرها ، بمستوى الأسعار " انتهى من مجلة مجمع الفقه ( عدد 5 ، ج3 ص 1609 ) .
وانظر: جواب السؤال رقم (68842) ورقم (95515) .
وإن رددت المال بزيادة، وراعيت التضخم وانخفاض قيمة العملة، فذلك حسن، لما روى البخاري (2390) ومسلم (1601) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَجُلًا تَقَاضَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَغْلَظَ لَهُ فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُهُ، فَقَالَ: (دَعُوهُ، فَإِنَّ لِصَاحِبِ الحَقِّ مَقَالًا، وَاشْتَرُوا لَهُ بَعِيرًا فَأَعْطُوهُ إِيَّاهُ) وَقَالُوا: لاَ نَجِدُ إِلَّا أَفْضَلَ مِنْ سِنِّهِ، قَالَ: (اشْتَرُوهُ، فَأَعْطُوهُ إِيَّاهُ، فَإِنَّ خَيْرَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً).
ثالثا :
هذا الدين يدخل في التركة ويقسم على الورثة ، حسب أنصبتهم الشرعية .
والله أعلم.