الحمد لله.
إذا درست القبور ، وتقادمت ، وغلب على الظن عدم وجود أثر للأموات فيها، من عظم أو غيره: جاز الانتفاع بها في البناء والزرع ، وسائر وجوه الانتفاع .
إلا أن تكون موقوفة على جهة معينة، فيتقيد فيها بشرط الواقف. فلو عيّنها للدفن، لم يجز استعمالها في غيره.
ويعرف اندراسها بالرجوع إلى أهل الخبرة.
قال النووي رحمه الله: " (وأما) نبش القبر : فلا يجوز لغير سبب شرعي باتفاق الأصحاب. ويجوز بالأسباب الشرعية، كنحو ما سبق.
ومختصره : أنه يجوز نبش القبر إذا بلي الميت ، وصار ترابا، وحينئذ يجوز دفن غيره فيه، ويجوز زرع تلك الأرض ، وبنائها ، وسائر وجوه الانتفاع والتصرف فيها ، باتفاق الأصحاب . وإن كانت عارية : رجع فيها المُعِير .
وهذا كله إذا لم يبق للميت أثر من عظم وغيره. قال أصحابنا رحمهم الله: ويختلف ذلك باختلاف البلاد والأرض، ويعتمد فيه قول أهل الخبرة بها" انتهى من المجموع (5/ 303).
وقال المرداوي رحمه الله: " متى عُلم أن الميت صار ترابا. قال في الفروع: ومرادهم: ظُن أنه صار ترابا ، ولهذا ذكر غير واحد : يعمل بقول أهل الخبرة ؛ فالصحيح من المذهب : أنه يجوز دفن غيره فيه.
نقل أبو المعالي جاز الدفن والزراعة وغير ذلك.
ومراده: إذا لم يخالف شرط واقفه لتعيينه الجهة ...
وأما إذا لم يصر ترابا : فالصحيح من المذهب أنه لا يجوز الدفن فيه . نص عليه .
ونقل أبو طالب: تبقى عظامه مكانه ويدفن. اختاره الخلال" انتهى من الإنصاف (2/ 387).
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله بعد نقل كلام الإقناع: (... لتعيينه الجهة ) :
" فإن عيّن الأرض للدفن : فلا يجوز حرثها ، ولا غرسها" انتهى ، من فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم (3/ 217).
وعليه : فيلزمكم قبل التصرف في هذه الأرض أمران:
الأول: سؤال أهل الخبرة بهذه الأرض هل يغلب على الظن بقاء شيء من آثار الموتى أم لا.
الثاني: معرفة شرط الواقف ، إن كانت الأرض موقوفة، هل عيّنها الواقف للدفن، أو جعلها في أبواب الخير عامة، مثلا ؛ فيجوز بناء مسجد أو مدرسة فيها.
والله أعلم.