الحمد لله.
أولا:
الصرف بين العملات المختلفة : يشترط فيه التقابض في مجلس العقد ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ ... مِثْلًا بِمِثْلٍ ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ ، يَدًا بِيَدٍ ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ ) رواه مسلم (2970) من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه .
والريالات والدولارات وغيرها من العملات : لها ما للذهب والفضة من الأحكام ، فلا يجوز شراء عملة بعملة أخرى إلا يدا بيد .
وتعتبر كل عملة جنسا مستقلا، فيجوز مبادلة الدولار بالجنيه مع التفاضل، بشرط أن يكون يدا بيد.
وهذا هو القبض الحقيقي .
وذهب كثير من أهل العلم إلى اعتبار القبض الحكمي أيضا، ويحصل باستلام الشيك المصدق، أو ورقة الحوالة .
وانظر: جواب السؤال رقم (110938).
والطريقة التي تقوم بها لا يتحقق فيها القبض الفوري، لا حقيقة ، ولا حكما، فإن الطرف الآخر يودع المبلغ في حسابك ، ولا يستلم العملة الأخرى في نفس المجلس.
وتأخير القبض يعني الوقوع في ربا النسيئة.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"بالنسبة للحوالة ، إذا أعطى رجلٌ رجلاً مبلغاً ، لكي يستلمه الرجل الآخر ، في بلدة أخرى ، بعملة تلك البلدة ، ويُشكل عليه اختلاف هذه العملة بالريالات ، فهل هذا يدخل في ربا الفضل ، أم أنه لا بأس به ؟
فأجاب :
"هذا يدخل في ربا النسيئة ؛ لأنه مع اختلاف العملة لا يوجد ربا فضل ؛ لكن يدخل فيه ربا النسيئة .
ولهذا فإن الحوالة الصحيحة على أحد وجهين :
إما أن يحولها بالدراهم إلى المكان الآخر ، ثم هناك تجري المصارفة بالسعر الحاضر .
أو يشتري العملة التي في البلد الثاني ، يشتريها في البلد الأول ، ويحوِّلها إلى البلد الثاني بعملة البلد الثاني .
أما ما ذكرتَ فهذه مصارفة بدون قبض ، والمصارفة بدون قبض لا تجوز" انتهى من " لقاءات الباب المفتوح " (44/ 16).
ثانيا:
المخرج في هذه المسألة:
1- أن توكل من يصارف عنك، فيذهب إليه الطرف الآخر، فيتبادلان العملتين في نفس المجلس، فبدلا من قيام الطرف الآخر بإيداع المبلغ في حسابك يعطيه لوكيلك. ثم يقوم وكيلك بإيداع المال في حسابك.
جاء في المعايير الشرعية، ص6: " يجوز توكيل الغير بإبرام عقد بيع عملات، مع توكيله بالقبض والتسليم" انتهى.
2-أو أن يلتقي وكيلك مع الطرف الآخر في البنك، فإذا أودع المال في حسابك، أعطاه وكيلك ما يقابله من العملة؛ لأن هذا يصدق عليه أنه قبض في المجلس.
وننبه على أن اتفاقك المبدئي مع الطرف الآخر على سعر الصرف ، لا يعتبر ملزما، ولا يجوز أن يكون كذلك، وإنما هذه مواعدة غير ملزمة، ويتم الصرف ، بالسعر الذي تتفقان عليه ، عند حضور المالين.
جاء في المعايير الشرعية، ص13: " تحريم المواعدة الملزمة في مبادلة العملات هو ما عليه جمهور الفقهاء، لأن المواعدة الملزمة من طرفي المبادلة تشبه العقد، وبما أنها لا يعقبها القبض ، لعدم رغبة الطرفين فيه : فإنها لا تجوز" انتهى.
والله أعلم.