الحمد لله.
إذا تنازلت الجدة عن نصيبها من الميراث لأحفادها، وهي رشيدة تحسن التصرف في المال، صح تنازلها، واعتبر هبة منها لمن تنازلت لهم.
والهبة لا تلزم ، ولا يمتنع الرجوع فيها إلا بالقبض.
فإذا كان الأحفاد قبضوا منها نصيبها، أو كان نصيبها موجودا في أيديهم عند هبته لهم، فقد تمت الهبة ولزمت، وانتقل النصيب إلى الأحفاد، ولا يحل لها الرجوع في ذلك وهي حية، ولا يحل لأبيك وعمك المطالبة بهذا النصيب بعد موتها، وعليهما أن يتنازلا عنه في جهاز المدينة ليتمكن الأحفاد من الانتفاع به.
وأما إن كان نصيب الجدة أو شيء منه، لم يقبضه الموهوب لهم، ولم يكن تحت أيديهم وتصرفهم عند الهبة، فلها الرجوع، وإذا ماتت بطلت الهبة فيما لم يقبض ولم يكن تحت يد الموهوب له.
قال الشيخ منصور البهوتي رحمه الله : " ( وتلزم بالقبض بإذن واهب ) ؛ لما روى مالك عن عائشة رضي الله عنها : " أن أبا بكر رضي الله عنه : نحلها جذاذ عشرين وسقا من ماله بالعالية ، فلما مرض قال : يا بنية كنت نحلتك جذاذ عشرين وسقا، ولو كنت حزتيه أو قبضتيه ، كان لك ، فإنما هو اليوم مال وارث ، فاقتسموه على كتاب الله تعالى .
( إلا ما كان في يد مُتَّهِب [ وهو الموهوب له ] ) وديعةً ، أو غصبا ، ونحوهما ؛ لأن قبضه مستدام ، فأغنى عن الابتداء " .
انتهى من " شرح الروض على زاد المستقنع " (ص/ 298) .
وقال ابن قدامه رحمه الله : " وإذا مات الواهب أو الموهوب له قبل القبض , بطلت الهبة , سواء كان قبل الإذن في القبض أو بعده . ذكره القاضي في موت الواهب ; لأنه عقد جائز، فبطل بموت أحد المتعاقدين , كالوكالة والشركة " انتهى من " المغني " (5/381).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " ولو أن الواهب مات بعد أن وهب الهبة، ولم يقبضها الموهوبُ له ، فهل تلزم الهبة ؟ لا تلزم ؛ لأن الموهوب له لم يقبضها ، والمال يرجع إلى الورثة ؛ لأنها هبة لم تلزم " انتهى من " الشرح الممتع " (11/ 72) .
وعلى هذا التفصيل ينبني حكم المسألة.
فالرصيد الذي كان في البنك والسيارة قد امتلكه الأحفاد ملكا تاما ، لأنهم قبضوا الرصيد من البنك – كما ذكرت في سؤالك – والغالب أن السيارة تكون معهم وتحت أيديهم ، وبهذا تلزم الهبة فيهما ، ولا حق لأبيك وعمك في نصيب الجدة حينئذ.
وأما الأرض، فإن كانت تحت أيدي الأحفاد ، أو وضعوا أيديهم عليها بعد الهبة وتمكنوا من التصرف فيها، فقد لزمت الهبة ، ولا حق فيها لأحد غيرهم .
والله أعلم.