الحمد لله.
أولا:
إذا أخبرك الطبيب أنك سليم تماما، لم يلزمك إخبار الفتاة بما كان في زواجك الأول، وقد أحسنت بهذا، فإن الإخبار بذلك يفتح بابا للوسوسة والشك، كما حصل بعد ذلك.
ثانيا:
إذا عجز الزوج عن وطء زوجته ولو مرة واحدة، كان لها رفع الأمر إلى القضاء، فإن ثبتت عُنَّته بإقراره أو ببينة تشهد بذلك –إن أمكن- أجله القاضي سنة، فإن لم يطأ، كان لها الفسخ. وإن وطئ فيها، فليس لها الفسخ؛ لتبين أن عجزه كان عارضا.
والعُنّة: عيب يمنع الانتصاب والانتشار، فلا يتمكن معه الزوج من الوطء.
وفي الموسوعة الفقهية (31/ 14): " وفي اصطلاح الفقهاء: العنة هي العجز عن الوطء في القبل لعدم انتشار الآلة، وسمي العنين بذلك للين ذكره وانعطافه، مأخوذ من عنان الدابة" انتهى.
وتأجيله سنة، هو قضاء الصحابة رضي الله عنهم. وذكر الفقهاء أن الحكمة فيه أن تمر عليه فصول السنة، فقد ينشط في بعضها.
قال ابن عبد البر رحمه الله في "الاستذكار" (6/ 193): ولا أعلم بين الصحابة خلافا في أن العنين يؤجل سنة من يوم يرفع إلى السلطان، وروي ذلك عن عمر وعلي وابن مسعود والمغيرة بن شعبة - رضي الله عنهم - وقد ذكرنا الخبر عنهم بذلك عن عمر وعلي - رضي الله عنهما - ...
قال أبو عمر(ابن عبد البر) : على هذا جماعة التابعين بالحجاز والعراق : أن العنين يؤجل سنة من يوم يرفع إلى السلطان.
وقد روي عن بعضهم أنه أجله عشرة أشهر ، وليس بشيء.
وإنما أجله سنة ، فيما ذُكر والله أعلم ، لتكمل له المداواة والعلاج في أزمان السنة كلها ، لاختلاف أعراض العلل في أزمنة العام وفصوله، فإن لم يبرأ في السنة ، يئسوا منه ، وفرق بينه وبين امرأته" انتهى.
والوطء الذي يخرج به الزوج عن العنة، هو تغييب الحشفة في الفرج.
فإن ادعى الزوج أنه وطئها، وأنكرت ذلك، وكانت بكرا، أُريت النساء الثقات.
قال ابن قدامة: " إذا ادعت المرأة عُنَّة زوجها، فزعم أنه وطئها، وقالت: إنها عذراء : أُرِيَتِ النساءَ، فإن شهدن بعُذرتها، فالقول قولها، ويؤجل.
وبهذا قال الثوري، والشافعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي .
وإنما كان كذلك؛ لأن الوطء يزيل عذرتها، فوجودها يدل على عدم الوطء" انتهى من المغني (7/ 205).
ثالثا:
ما ننصح به في هذا المقام، أن يستعين الزوجان بالرقية الشرعية، فربما كان الزوج سليما ، ومُنع من زوجته لسحر أو مس أو عين. وينظر: سؤال رقم (91627).
رابعا:
يلزم الزوجةَ الرجوع إلى بيت زوجها، وتمكينه من نفسها، وإلا كانت عاصية ناشزا.
وإذا مضت مدة ولم يتمكن الزوج من وطئها وفض بكارتها، فإننا ننصح بالطلاق، فهذا خير من اللجوء القضاء ، وانتظار سنة .
ولو اصطلحا على أخذ بعض المهر وترك البعض كان خيرا.
خامسا:
إذا فسخ النكاح لأجل العُنَّة، كان للزوجة كامل مهرها، المعجل منه والمؤجل، وعليها العدة ، على القول الراجح ، وهو قول جمهور الفقهاء .
وفي الموسوعة الفقهية (31/ 29): "زوجة العنين لها جميع المهر عند الحنفية، وعند الحنابلة لها المهر المسمى على الصحيح من المذهب، ونقل عن أحمد أن لها مهر المثل، والخلوة من العنين كالخلوة من أي زوج : توجب عندهم المهر.
أما المالكية فالمشهور عندهم أن لها أيضا الصداق كاملا بعد انتهاء السنة؛ لأنها مكنت من نفسها، وطال مقامه معها، وتلذذ بها وأخلق شَوْرتها [أي حسنها وجمالها]...
وقال الشافعي: ليس للمرأة إن استمتع بها زوجها إذا قالت: لم يصبني، ليس لها إلا نصف المهر لأنها مفارقة قبل أن تصاب.
عدة زوجة العنين:
26 - تجب على زوجة العنين العدة عند الحنفية والحنابلة، كما تجب عند المالكية احتياطا، ولا يملك الزوج الرجعة في العدة أو بعدها.
أما عند الشافعية : فليس عليها عدة ما دام لم يصبها" انتهى.
سادسا:
ما ذكرته الطبيبة من أن غشاء البكارة سميك وأنه لن يفض بالطريقة الطبيعية، لم نقف عليه في كلام الفقهاء، لكن وقفنا عليه في بعض المواقع على شبكة الإنترنت، وأنه يحتاج إلى جراحة بسيطة.
وإذا كان والد الزوجة قد وقف على شهادة الطبيب بأنك سليم معافى، فينبغي أن يدعو الزوجة للفحص عند طبيبة أخرى، وإجراء هذه الجراحة إن لزم الأمر.
وإذا ثبتت سلامتك، وأن العلة هي سمك الغشاء، لم يجز لها طلب الطلاق، فضلا عن الفسخ. فإن امتنعتْ من إجراء الجراحة، كان لك طلاقها، أو إلجاؤها للخلع لتتنازل عن المهر أو بعضه.
ومسائل الخصومات : إن لم تُحل بالتفاوض والتصالح، لزم رفعها للقضاء ، ليفصل فيها.
سابعا:
لا يجوز الوطء في الدبر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ أَتَى حَائِضًا أَوْ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) رواه أحمد (9779) وأبو داود (3904) والترمذي (135) وابن ماجه (936) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
وقوله : ( مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا ) رواه أبو داود (2162) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( لَا يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى رَجُلٍ جَامَعَ امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا ) رواه ابن ماجه (1923) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
فلا يجوز الوطء في الدبر للعلة التي ذكرت ، أو لغيرها.
والله أعلم.