الحمد لله.
للإنسان أن يتصرف في ماله كما يشاء ما دام صحيحا عاقلا رشيدا، فله أن يهب بعضه أو جميعه لوارث أو غير وارث، وله أن يوصي بالثلث بعد وفاته لغير وارث.
ولكن يشترط في هبته لماله ألا يقصد حرمان الورثة.
وعليه :
فإذا كان (أصغر) لم يقصد حرمان الورثة، وأراد إكرام ابنة أخي زوجته ، والإحسان إليها، فوهبها ثلثي أرضه، فلا حرج عليه.
وأما إن قصد بذلك حرمان بعض الورثة فتصرفه محرم، ويسمى التوليج في التركة، وهو من الحيلة المحرمة التي يتوصل بها إلى إبطال الحق.
قال الإمام محمد بن الحسن الشيباني رحمه الله: "لَيْسَ من أَخْلَاق الْمُؤمنِينَ الْفِرَار من أَحْكَام الله ، بالحيل الموصلة إِلَى إبِطَال الْحق" . نقله بدر الدين العيني في "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" (24/ 109).
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء (13/ 214): " أنا عندي من الأولاد بنت واحدة، وأملك بيتا من طابقين، ولي إخوان، فهل أستطيع أن أمنح بنتي جزءا من البيت، أم هذه المنحة تؤثر على حق الورثة، وبالتالي تكون المنحة حراما؟
الجواب: إذا كان منحك للجزء من بيتك لابنتك مُنَجَّزا، ولم تقصد حرمان بقية الورثة، بأن قَبَضَتْهُ في الحال، وملكت التصرف فيه - فلا بأس بذلك؛ لأن هذا من باب العطية.
وإن كان منحك لها بالوصية: فهذا لا يجوز؛ لأنه لا وصية لوارث؛ لما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا وصية لوارث) " انتهى.
وجاء فيها (16/ 484): " ربي رزقني ولله الحمد بأربع بنات قصر (10، 8، 5، 3 سنوات) وزوجة، ولي شقيقة متزوجة ولها أولاد، وأمتلك عمارة من أربع شقق، فكتبت عقد بيع بيني وبين زوجتي بقيمة ثلث العمارة، وكتبت عقد بيع آخر بيني وبين زوجتى قابلة للشراء للبنات بقيمة الثلث الثاني. الثلث الأول للزوجة، والثلث الثاني للبنات، وتركت الثلث الثالث.
وطبعا أصارحكم القول بأنني لم أستلم أي مبلغ، والغرض من ذلك حتى لا ينازعهم أحد في الميراث، لأنهم بنات (أي: ذرية ضعفاء) فما حكم ذلك؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا.
الجواب: لا يجوز للإنسان أن يتخذ إجراء عقد توليج لماله ، لحرمان بعض الورثة.
والله سبحانه وتعالى مطلع على كل عبد ونيته وقصده، ونحذرك أن تسلك طريقا تعذب بسببه. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه وسلم.
بكر أبو زيد ... عبد العزيز آل الشيخ ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز" انتهى.
ثانيا:
لا حق لأبناء (أكبر) في تسجيل شيء من أرض عمهم (أصغر) باسمهم؛ لأن الأرض ملكه، ولا يحل لهم منها شيء ؛ إلا بطيب نفس منه .
وإذا كان الواقع أنه لم يهبهم، ولم يملكهم شيئا، بل يطالبهم بتسجيلها باسمه، فيلزمهم ذلك، ولا يحل لهم المماطلة فيه؛ لما في تصرفهم من العدوان والظلم؛ وقد قال صلى الله عليه وسلم: (لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) رواه أحمد (20172) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1459).
قال في درر الحكام شرح مجلة الأحكام (3/ 201): " لا يجوز التصرف في ملك الغير بدون إذنه، سواء كان هذا التصرف مضرا بصاحب الملك أو غير مضر" انتهى.
وقال في مواهب الجليل (5/ 274): " وحاصل مسائل التعدي : الانتفاع بمال الغير دون حق فيه، أو التصرف فيه بغير إذنه ، أو إذن قاض ، أو من يقوم مقامه لفقدهما " انتهى.
وعلى الجميع مراعاة ما بينهم من الرحم التي يجب وصلها وتحرم قطيعتها.
والله أعلم.