الحمد لله.
أولا:
إذا فقد الزوج ، أو حبس وعلم مكانه ، وتضررت الزوجة بترك المعاشرة الزوجية، أو بعدم النفقة، جاز لها طلب الطلاق لرفع الضرر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وحصول الضرر للزوجة بترك الوطء : مقتض للفسخ بكل حال ، سواء كان بقصد من الزوج أو بغير قصد ، ولو مع قدرته أو عجزه ، كالنفقة ، وأولى من الفسخ بتعذره في الإيلاء ، إجماعاً .
وعلى هذا : فالقول في امرأة الأسير والمحبوس ونحوهما ، ممن تعذر انتفاع امرأته به ، إذا طلبت فُرقته : كالقول في امرأة المفقود ، كما قاله أبو محمد المقدسي [= يعني : ابن قدامة] .. " انتهى من " الفتاوى الكبرى " ( 5 / 481 ، 482 ).
وجاء في الموسوعة الفقهية ( 29 / 66 ): " ذهب المالكية إلى جواز التفريق على المحبوس إذا طلبت زوجته ذلك ، وادعت الضرر ، وذلك بعد سنة من حبسه ، لأن الحبس غياب .
وهم يقولون بالتفريق للغيبة مع عدم العذر ، كما يقولون بها مع العذر ، على سواء" انتهى .
الثاني:
لا يقع الطلاق في مثل هذا الحال إلا بتطليق الزوج، أو بحكم القاضي الشرعي .
فإذا لم يوجد قاض شرعي في بلد إقامة الزوجة ، وكّلت من يطلب لها الطلاق عند القاضي الشرعي في بلدها، فإن الوكالة في المطالبة بالحقوق جائزة.
قال ابن قدامة رحمه الله: "ويجوز التوكيل في كل حق آدمي ، من العقود والفسوخ والعتق والطلاق والرجعة ، وتملُّكِ المباحات ، من الصيد والحشيش ونحوه ؛ إِلا الظهار واللعان والأيمان" انتهى من المقنع، ص192
وفي الموسوعة الفقهية (45/ 33): " وقد ذهب المالكية والشافعية والحنابلة والصاحبان من الحنفية إلى جواز التوكيل بالخصومة ، في الدَّين والعين وسائر الحقوق، حاضرا كان الموكل أو غائبا، صحيحا أو مريضا، رضي الخصم أو لم يرض" انتهى.
ثالثا:
إذا تم الحكم بالطلاق وصار نهائيا، وكان قد سبق ذلك الدخول أو الخلوة، شرعت المرأة في العدة، من حين إصدار الحكم النهائي .
وعدة التي تحيض : ثلاث حيضات؛ لقوله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ) البقرة/228 .
وعدة الصغيرة التي لا تحيض، والآيسة: ثلاثة أشهر ؛ لقوله تعالى: ( وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) الطلاق/4
جاء في فتاوى الأزهر: " زوج طلبت زوجته من المحكمة الطلاق منه ، فحكمت بطلاقها، ثم استأنف الزوج الحكم، فمتى تبدأ عدة المطلقة؟
الجواب: تبدأ عدهَ الطلاق من تاريخه ، سواء أكان المطلق هو الزوج أو المحكمة .
وفي الطلاق الغيابي الصادر من المحكمة : لا تبدأ العدة ، إلا إذا صار نهائيا .
وذلك : إن مضت مدة المعارضة والاستئناف ، ولم يعارض ، ولم يستأنف .
أو استأنف ، وتأيد الحكم.
أما إذا لم يصر الحكم بالطلاق نهائيا : فلا تترتب عليه آثاره ، ومنه العدة ، حتى يكون نهائيا " انتهى من فتاوى الأزهر (10/ 1) ترقيم الشاملة.
والله أعلم.