حول صحة قول مجاهد: يؤتى بثلاثة نفر يوم القيامة .

17-05-2017

السؤال 262228

حدثنا محمد بن فضيل ، عن ليث ، عن مجاهد ، قال: يؤتى بثلاثة نفر يوم القيامة ، بالغني وبالمريض والعبد ، فيقول للغني : ما منعك عن عبادتي ؟ فيقول : أكثرت لي من المال فطغيت ، فيؤتى بسليمان بن داود عليه السلام في ملكه فيقال له : أنت كنت أشد شغلا أم هذا ؟ قال : بل هذا ، قال : فإن هذا لم يمنعه شغله عن عبادتي ، قال : فيؤتى بالمريض فيقول : ما منعك عن عبادتي ؟ قال :يا رب أشغلت علي جسدي ، قال : فيؤتى بأيوب عليه السلام في ضره فيقول له : أنت كنت أشد ضرا أم هذا ؟ قال : فيقول : لا بل هذا ، قال : فإن هذا لم يمنعه ذلك أن عبدني ، قال : ثم يؤتى بالمملوك فيقال له : ما منعك عن عبادتي ؟ فيقول : جعلت علي أربابا يملكونني ، قال : فيؤتى بيوسف الصديق عليه السلام في عبوديته فيقال : أنت أشد عبودية أم هذا ؟ قال : لا بل هذا ، قال : فإن هذا لم يشغله شيء عن عبادتي .. ما صحة هذا الكلام ؟ وكيف عرف الإمام مجاهد بما يحصل يوم القيامة؟

الجواب

الحمد لله.

الأثر الذي ذكره السائل الكريم أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (3/288) من طريق محمد بن فضيل عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد أنه قال :" يُؤْتَى بِثَلَاثَةِ نَفَرٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: بِالْغَنِيِّ ، وَبِالْمَرِيضِ ، وَالْعَبْدِ ...." . إلى آخر الأثر كما ذكره السائل

وهذا الأثر ضعيف الإسناد عن مجاهد بن جبر رحمه الله ، حيث فيه ليث بن أبي سليم وهو ضعيف باتفاق ، قال النووي في "تهذيب الأسماء واللغات" (2/75) بعد أن ذكر ليث بن أبي سليم قال :" واتفق العلماء على ضعفه ، واضطراب حديثه ، واختلال ضبطه ". انتهى .

ولو صح عنه فإنه لا حجة فيه لما يلي :

أولا : أن هذا الأثر من قول مجاهد رحمه الله يسميه أهل العلم " المقطوع " ، وهو ما جاء التابعي من قوله أو فعله . 

قال ابن الصلاح في كتابه "علوم الحديث" الشهير بمقدمة ابن الصلاح (ص28) :" المقطوع وهو ما جاء عن التابعين موقوفا عليهم من أقوالهم أو أفعالهم ". انتهى .

ولا شك أن أقوال التابعين ليست بحجة في دين الله عز وجل .

ثانيا : أنه إذا سلمنا أن ذلك الأثر ونحوه : لا يقال بالرأي ، وليس للاجتهاد فيه مجال ، وقلنا : إن مثل ذلك له حكم الرفع ؛ فغايته : أن يكون حديثا مرفوعا ، مرسلا ؛ لأن التابعي إذا روى حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، صراحة ، ولم يذكر من حدثه به من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : كان حديثا مرسلا ؛ ومعلوم : أن المرسل من أقسام الحديث الضعيف .

فكيف إذا لم يذكر التابعي أنه تلقى ذلك الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا وراه عنه أصلا ؟!

هذا أظهر في ضعفه ، وأبعد عن قيام الحجة به في دين الله .

وينظر: "النكت على ابن الصلاح" للزركشي (2/439) ، "نتائج الأفكار" للحافظ ابن حجر (1/383) .

ثالثا : أن مجاهد بن جبر رحمه الله كان يأخذ عن أهل الكتاب ، ومعلوم أن من يقول في ذلك ونحوه : إن له حكم الرفع ، يشترط في الحكم برفعه : ألا يكون قائله ممن يأخذ عن أهل الكتاب ؛ فإن كان ممن يأخذ العلم عن أهل الكتاب ، لم يحكم لما يقوله في أمور الغيب ونحوها بالرفع ، لاحتمال أن يكون ذلك مما تلقاه عن أهل الكتاب ، فلا تقوم به الحجة .

وقد روى ابن سعد في "الطبقات" (5/466) فقال :" أخبرنا أبو بكر بن عياش قال: قلت للأعمش : ما لهم يتقون تفسير مجاهد :

قال : كانوا يرون أنه يسأل أهل الكتاب ". انتهى .

وختاما :

نهيب بإخواننا جميعا خاصة الدعاة إلى الله تعالى الاحتياط في نسبة شيء لدين الله عز وجل خاصة أمور الغيب ، فإنها لا مجال فيها للرأي والاجتهاد ، وفيما صح كفاية ، ولله الحمد .

والله أعلم 

الحديث وعلومه
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب