الحمد لله.
الحديث المذكور : ضعيف ، لا يثبت . وبيان ذلك :
أولا :
هذا الحديث أخرجه نعيم بن حماد في "الفتن" (276) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (1/185) ، من طريق الوليد بن مسلم ، قال أخبرنا مروان بن جناح عن يونس بن ميسرة بن حلبس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الأمر كائن بعدي بالمدينة ، ثم بالشام ، ثم بالجزيرة ، ثم بالعراق ، ثم بالمدينة ، ثم ببيت المقدس ، فإذا كان ببيت المقدس فثم عقر دارها ، ولن يخرجها قوم فتعود إليهم أبدا ".
وهو حديث ضعيف ، وذلك لأنه مرسل ، حيث إن يونس بن ميسرة بن حلبس الذي روى الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ثقة عابد ، إلا أنه من التابعين ، والمرسل ضعيف لانقطاعه كما هو معلوم .
وأما الراوي عنه وهو مروان بن جناح فحديثه في مرتبة الحسن ، في الجملة ، قال فيه الدارقطني كما في "سؤالات البرقاني" (515) :" لا بأس به ". ، ووثقه دحيم وأبو داود . كذا في "تهذيب الكمال" (27/387) ، وقال أبو حاتم كما في "الجرح والتعديل" (8/274) :" شيخ يكتب حديثه ولا يحتج به " .
والراوي عنه هو الوليد بن مسلم وهو ثقة مدلس ، وتدليسه شر أنواع التدليس ، وهو تدليس التسوية ، وقد صرح بالتحديث ، وبقية رجال الإسناد لا بأس بهم .
والحاصل : أن إسناد هذا الحديث : ضعيف لا يثبت .
ثانيا :
وأما شرح الحديث : فالمقصود بقوله " هذا الأمر " : أي الخلافة ، أي تكون بعد وفاته صلى الله عليه وسلم بالمدينة ، ثم تنتقل إلى الشام ، ثم بالجزيرة ، ثم بالعراق ، ثم تعود إلى المدينة ، ثم بيت المقدس ، وهو يومئذ عقر دار الإسلام ، أي أصلها وموطن الأمن فيها ، قال ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث" (3/529) :" عُقْر الدار بالضم والفتح : أصلُها ، ومنه الحديث " عُقْر دَار الإسلام الشَّاُم " ، أي : أصله ومَوْضعه ، كأنه أشار به إلى وقت الفتَن : أي يكون الشام يومئذ آمِناً منها ، وأهلُ الإسلام به أسلمُ ". انتهى
ثالثا :
لمن أراد الاستزادة من الأحاديث الصحيحة الواردة في فضائل الشام يمكنه مراجعة كتاب " تخريج أحاديث فضائل الشام ودمشق لأبي الحسن علي بن محمد الربعي" للشيخ الألباني رحمه الله ، فهو نافع في بابه ، ونسأل الله أن يرد بيت المقدس للمسلمين ، وأن يعجل بنصره ، إنه قوي متين .
والله أعلم