الحمد لله.
ما قام به جدك من الوصية بتساوي الذكور والإناث في الميراث، يعتبر وصية محرمة؛ لأنها وصية للبنات بشيء من التركة، زيادة على ما لهن شرعا .
والوصية لوارث ممنوعة، فإن وقعت فلا تنفذ إلا بموافقة الورثة؛ لما روى أبو داود (2870) والترمذي (2120) والنسائي (4641) وابن ماجه (2713) عن أَبي أُمَامَةَ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَلا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ) صححه الألباني في صحيح أبي داود.
ورواه الدارقطني من حديث ابن عباس رضي الله عنه بلفظ: (لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة) وحسنه الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام.
وفي الموسوعة الفقهية (30/ 253): " اختلف الفقهاء في الوصية لوارث على قولين :
القول الأول: ذهب الحنفية وهو الأظهر عند الشافعية والحنابلة وقول عند المالكية إلى أن الوصية للوارث تنعقد صحيحة ، موقوفة على إجازة الورثة ؛ فإن أجازوها بعد وفاة الموصي : نفذت ، وإن لم يجيزوها : بطلت ، ولم يكن لها أثر، وإن أجازها البعض دون البعض نفذت في حق من أجازها، وبطلت في حق من لم يجز.
واستدلوا على ذلك بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة) .
القول الثاني: ذهب المالكية ، والشافعية في مقابل الأظهر ، وفي رواية عند الحنابلة : إلى أن الوصية للوارث باطلة مطلقا ، وإن أجازها سائر الورثة، إلا أن يعطوه عطية مُبْتدأة .
واحتجوا بظاهر قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا وصية لوارث) ؛ ولأن الوصية للوارث تلحق الضرر ببقية الورثة ، وتثير الحفيظة في نفوسهم ، وقد نهى القرآن الكريم عن ذلك في قوله: (من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار)" انتهى.
فإذا لم يجز الورثة الوصية للوارث، لم تنفذ ، باتفاق العلماء .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (6/58) : " إذا وصى لوارثه بوصية , فلم يُجزها سائر الورثة , لم تصح ، بغير خلاف بين العلماء .
قال ابن المنذر , وابن عبد البر : أجمع أهل العلم على هذا .
وجاءت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ، فروى أبو أمامة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ ، فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ) رواه أبو داود . وابن ماجه , والترمذي ...
وإن أجازها [ باقي الورثة ] : جازت , في قول الجمهور من العلماء " انتهى .
وعلى هذا : فإن كان الورثة الذكور قد أجازوا هذه الوصية ، بعد وفاة والدهم- وهذا هو الوقت المعتبر للإجازة وعدمها- نفذت الوصية، ولم يكن لهم الرجوع فيها.
وإن كانوا لم يجيزوا الوصية، أو أجازوها بناء على الفتوى الخاطئة التي تحاكموا إليها : فهذه إجازة غير معتبرة، ولهم منع تنفيذ الوصية.
وتلك الفتوى حصرت القضية في كون الوصية لم تتجاوز الثلث ، مع أن هناك قيدا آخر دلت عليه السنة والإجماع ، وهو أن لا تكون الوصية لوارث .
ويلزم والدتك ، في هذه الحالة ، الاقتصار على أخذ نصيبها الشرعي فقط، وترد الزيادة التي حصلت عليها ، بسبب تلك الوصية الباطلة ، إلى الذكور .
وهكذا تفعل كل أنثى، أو يفعله أولادها.
أو يعاد تقسيم التركة كلها، مع إلغاء الوصية، فيكون للذكر مثل حظ الأنثيين.
هذا ، وننبه على أن فقهاء الشيعة الإمامية ذهبوا إلى جواز الوصية للوارث فى حدود الثلث من غير توقف على إجازة الورثة .
وبقولهم أخذ قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 المعمول به في مصر بلد السائل، كما نبهت عليه دار الإفتاء المصرية في بعض فتاويها.
وقول الإمامية هذا باطل ، غير معتبر؛ لأنه مخالف للسنة والإجماع ، فلا يجوز العمل به .
ولا عبرة بالشيعة الإمامية ـ الرافضة ـ في الإجماع أو الخلاف .
والله أعلم.