شرطوا عليه : إذا خرج من الشركة فإنه لا يدعو أحدا من عمالها للعمل معه لمدة سنتين .

16-10-2017

السؤال 263444

أنا موظف بشركة وأود أن أفتح شركتي الخاصة. و يود أحد حرفاء الشركة مواصلة التعامل معي. إلا أن العقد الذي يصلني مع الشركة الحالية يمنعني من التعامل مع أحد حرفائها لمدة سنين بعد الخروج منها. هل هذا البند جائز في الشرع ؟ و هل يمكنني رغم ذلك التعامل مع هذا الحريف بعد خروجي من الشركة وفسخ العقد ؟

الجواب

الحمد لله.

إذا كانت الشركة تشترط على موظفيها عند العقد بأن مَنْ خرج من الشركة لا يدعو أحدا من عمالها ليعمل معه إلا بعد مضي سنتين من خروجه = فهذا شرط صحيح ؛ للمصلحة الواضحة فيه للشركة المشتَرِطة ؛ فهي تريد أن تسلم من الإغراء الذي قد يمارسه الموظفون المنتهية عقودهم مع زملائهم الذين لا يزالون على رأس العمل .

فهذا الاشتراط ليس لمجرد التضييق على الموظف حتى يبقى حبيسا عليها ومضطرا إليها ، بل فيه مصلحة ظاهرة ، وعلى مَنْ دخل معهم والتزم بشرطهم - أن يفي به .

قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : "وَتَصِحُّ الشُّرُوطُ الَّتِي لَمْ تُخَالِفْ الشَّرْعَ فِي جَمِيعِ الْعُقُود" انتهى من " الفتاوى الكبرى" (5/ 389) .

 وقال أيضا :

" جاء الكتاب والسنة بالأمر بالوفاء بالعهود والشروط والمواثيق والعقود ، وبأداء الأمانة ، ورعاية ذلك ، والنهي عن الغدر ، ونقض العهود والخيانة ، والتشديد على من يفعل ذلك ...

وإذا كان جنس الوفاء ورعاية العهد مأمورا به ، علم أن الأصل صحة العقود والشروط ؛ إذ لا معنى للتصحيح إلا ما ترتب عليه أثره ، وحصل به مقصوده .

ومقصود العقد هو الوفاء به ، فإذا كان الشارع قد أمر بمقصود العهود : دل على أن الأصل فيها الصحة والإباحة..

وقدر رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم : (الصلح جائز بين المسلمين ؛ إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا ، والمسلمون على شروطهم) " .

وقال بعد أن أورد طرقا لهذا الحديث :

"وهذه الأسانيد وإن كان الواحد منها ضعيفا فاجتماعها من طرق يشد بعضها بعضا ، وهذا المعنى هو الذي يشهد له الكتاب والسنة وهو حقيقة المذهب ، فإن المشترط ليس له أن يبيح ما حرمه الله ولا يحرم ما أباحه الله ، فإن شرطه حينئذ يكون مبطلا لحكم الله ، وكذلك ليس له أن يسقط ما أوجبه الله ، وإنما المشترط له أن يكون يوجب بالشرط ما لم يكن واجبا بدونه ، فمقصود الشروط وجوب مالم يكن واجبا ولا حراما ... إذا حرمنا العقود والشروط التي تجري بين الناس في معاملاتهم العادية بغير دليل شرعي كنا محرمين ما لم يحرمه الله ، بخلاف العقود التي تتضمن شرع دين لم يأذن به الله" انتهى مختصرا من "القواعد النورانية" (ص272-277) .

وينظر : "إعلام الموقعين" لابن القيم (3/301) .

وقال الشيخ ابن عثيمين :

"جميع الشروط جائزة إلا ما دل الدليل على منعه لقوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) وهذا يشمل الوفاء بأصل العقد وبوصفه وهو الشروط ولقوله تعالى ( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً ) ولقوله في مدح عباد الله الصالحين ( وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ) .

فالصواب أن الأصل في الشروط الحل والصحة واللزوم إلا ما دل دليل على منعه " انتهى من "التعليق على الكافي" (1/353) بترقيم الشاملة .

غير أن العامل في هذه الشركة لو ترك عمله ، ابتداء من نفسه ، من غير إغراء منك ، ولا مواعدة له ، ولا تسبب منك في ذلك : فلا حرج عليك في التعاقد معه بعد ذلك ؛ لأنك لما تعاقدت معه : لم يكن موظفا لدى الشركة ، وليس بينه وبينهم عقد ملزم بعمله .

والله أعلم .

البيوع
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب