الحمد لله.
لكل مذهب أئمته وشيوخه وكتبه المعتمدة، وسنكتفي بذكر المعتمد لدى المتأخرين من كل مذهب، على سبيل الاختصار:
أولا: المذهب الحنفي:
وإمامه: أبو حنيفة النعمان بن ثابت رحمه الله (ت150هـ)
ومن المعتمد لدى متأخري الحنفية: الاختيار لتعليل المختار، لعبد الله بن محمود بن مودود الموصلي (ت683هـ)، في المختصرات ، ثم : البحر الرائق لابن نجيم (ت970هـ)، شرح كنز الدقائق لأبي البركات النسفي (ت710هـ)، وردّ المحتار المشهور بحاشية ابن عابدين (ت1252هـ)، وهي حاشية على كتاب الدُّرِّ الْمُخْتَارِ شَرْحٌ تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ، للحصكفي (ت1088هـ).
قال ابن عابدين في حاشيته (1/ 77): " أصحاب المتون المعتبرة من المتأخرين، مثل صاحب الكنز، وصاحب المختار، وصاحب الوقاية، وصاحب المجمع، وشأنهم أن لا ينقلوا الأقوال المردودة والروايات الضعيفة" انتهى.
ثانيا: المذهب المالكي:
وإمامه: مالك بن أنس رحمه الله (ت179هـ).
ومن المعتمد لدى المتأخرين: الشرح الصغير للدردير (ت1201هـ) مع حاشية الصاوي (ت1241هـ)، وشرح الدردير مع حاشية الدسوقي (ت1230هـ)، وشرح الخرشي (ت1101هـ) على مختصر خليل بن إسحاق (ت776هـ).
قال الشيخ الصادق الغرياني مفتي ليبيا حفظه الله: " إنّ دراسةَ كتبِ الفقهِ المالكي - على أيامِنا - كانت ثلاثةَ مستوياتٍ، ولعلّها لازالَت كذلكَ في بعضِ البلادِ:
- المرحلة الأولَى للمبتدئِ، كانت تبدأُ بقراءةِ الكتبِ الآتية:
متن الأخْضَري، ومَتن العشمَاويّة معَ حاشيةِ الصَّفْتِي عليه، وبعدها حاشية ميّارة لابنِ حَمدُون، وتنتهي برسالةِ ابن أبي زيدٍ وشروحِها.
- المرحلة الثانية؛ مرحلة الشرح الصغير للشيخ الدِّردير، وأحد شروح تحفةِ الحكام؛ كشرحِ التَّسُولي أو غيرِه.
- المرحلة الثالثة؛ مرحلة شروح مختصرِ الشيخ خليل وحواشيه.
وأسهلُ شروحِه عبارةً شرحُ الخَرَشِيّ، وأضبطها منهجًا الشرحُ الكبير [للدردير]، وهو الذي كان يدرسُ في كليات الشريعة، وفي الأزهرِ في المرحلة الجامعيةِ.
وأكثرُ شروحِ المختصرِ ربطًا لفروعِ المسائلِ بنصوصِ المدونةِ - مع تساهلٍ في نقلِها بالمعنى، يكونُ أحيانًا مُخِلا - المَوَّاق في التاجِ والإكليل.
ومن أحسنِ الحواشي تحريرًا للمسائلِ: حاشيةُ البَنّانيّ على الزَّرْقانِي، وزاد الدَّسُوقي في حاشيته على الشرحِ الكبيرِ، مع تحريرِ الأقوالِ التوسُّعَ والإيعابَ.
ومِن أجمعِ شروحِه - في كثرةِ النقولِ عن المحققينَ، وعن كتبِ الموثِّقينَ من فقهاءِ المذهب، وعن مصادرَ، الكثيرُ منها مفقودٌ - الحطّابُ، في المواضع التي يتعرضُ لها في شرحِه: مواهبُ الجليل على المختصَرِ.
وكتابُه - أي الحطّاب - الالتزاماتُ، مِن الكتب السابقةِ لعصرها؛ لما ضَمّنَ فيه المؤلف مِن حلولٍ لكثير من قضايا العصرِ، حتى كأنّه يعيش بينَنا.
وفي كلّ مرحلةٍ من المراحلِ الثلاث؛ ينبغِي لطالبِ العلم التنقلُ بينَ الحواشي المصنفة في كتبِ كل مرحلة، واقتناصُ الفوائد، فإنّ الدررَ في الطُّررِ، كمَا نبَّهَ مَن قبلنا" انتهى نقلا عن:
http://naderomrani.ly/fatwa/50/507
ثالثا: المذهب الشافعي:
وإمامه: محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله (ت204هـ).
ومن المعتمد لدى المتأخرين: نهاية المحتاج للرملي (ت1004هـ)، وتحفة المحتاج لابن حجر الهيتمي (ت974هـ)، وكلاهما شرح على منهاج النووي (ت676هـ).
قال في إعانة الطالبين (1/ 27): " واعلم أنه سيذكر المؤلف - رحمه الله تعالى - في باب القضاء أن المعتمد في المذهب للحكم والفتوى ما اتفق عليه الشيخان، فما جزم به النووي فالرافعي، فما رجحه الأكثر، فالأعلم والأورع.
ورأيت في فتاوي المرحوم بكرم الله الشيخ أحمد الدمياطي ما نصه: فإن قلت ما الذي يُفتى به من الكتب، وما المقدم منها ومن الشراح والحواشي، ككتب ابن حجر والرمليين وشيخ الإسلام والخطيب وابن قاسم والمحلى والزيادي والشبراملسي وابن زياد اليمني والقليوبي والشيخ خضر وغيرهم، فهل كتبهم معتمدة أو لا؟ وهل يجوز الأخذ بقول كل من المذكورين إذا اختلفوا أو لا؟ وإذا اختلفت كتب ابن حجر فما الذي يقدم منها؟ ...
الجواب - كما يؤخذ من أجوبة العلامة الشيخ سعيد بن محمد سنبل المكي، والعمدة عليه -: كل هذه الكتب معتمدة ومعول عليها، لكن مع مراعاة تقديم بعضها على بعض، والأخذ في العمل للنفس: يجوز بالكل.
وأما الإفتاء فيقدم منها عند الاختلاف التحفة والنهاية، فإن اختلفا فيخيِّر المفتي بينهما، إن لم يكن أهلا للترجيح، فإن كان أهلا له أفتى بالراجح.
ثم بعد ذلك شيخ الإسلام في شرحه الصغير على البهجة، ثم شرح المنهج له، لكن فيه مسائل ضعيفة.
فإن اختلفت كتب ابن حجر مع بعضها فالمقدم أولا التحفة، ثم فتح الجواد، ثم الإمداد، ثم الفتاوى وشرح العباب: سواء، لكن يقدم عليهما شرح بافضل.
وحواشي المتأخرين غالبا موافقة للرملي، فالفتوى بها معتبرة، فإن خالفت التحفة والنهاية: فلا يعول عليها.
وأعمد أهل الحواشي: الزيادي، ثم ابن قاسم، ثم عميرة، ثم بقيتهم، لكن لا يؤخذ بما خالفوا فيه أصول المذهب" انتهى.
رابعا: المذهب الحنبلي:
وإمامه: أحمد بن حنبل رحمه الله (ت241هـ).
والمعتمد عند متأخري الحنابلة: ما اتفق عليه التنقيح والمنتهى والإقناع، أي كتاب (التنقيح) لعلاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي الدمشقي الصالحي (المتوفى: 885 هـ)، وكتاب (منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح وزيادات) لتقي الدين محمد بن أحمد الفتوحي الحنبلي الشهير بابن النجار المتوفى سنة (972 هـ)، وكتاب (الإقناع) لموسى بن أحمد بن موسى بن سالم بن عيسى بن سالم الحجاوي المقدسي، المتوفى سنة (968 هـ).
قال الشيخ علي الهندي رحمه الله: " معرفة المذهب عند المتأخرين، وقدمته لاحتياج الناس في يومنا هذا إليه، ولأن عملهم عليه :
وهو ما أخرجه المرداوي في كتابه (التنقيح)، والحجاوي في كتابه (الإقناع)، وابن النجار في كتابه المنتهى، واتفقوا على القول به.
فإن اختلفوا: فالمذهب ما اتفق على إخراجه والقول به اثنان منهم.
وإذا لم يتفقوا: فالمذهب ما أخرجه صاحب المنتهى على الراجح؛ لأنه أدق فقها من الاثنين. وقد يفضل بعضهم: الإقناع لكثرة مسائله، ولا مشاحة في الاصطلاح، انتهى.
والذي أراه أنهما إذا اختلفا، يعني المنتهى والإقناع، فالرجوع إلى غاية المنتهى في الجمع بين الإقناع والمنتهى، وشرحه مطالب أولي النهى ... وهو الذي يقول فيه العالم العلامة الفقيه المحدث محمد بن أحمد بن سالم السفاريني رحمه الله: عليك بما في الإقناع والمنتهى، فإذا اختلفا فانظر ما يرجحه صاحب الغاية، غاية المنتهى " انتهى نقلا عن "الآلئ البهية في كيفية الاستفادة من الكتب الحنبلية" للشيخ محمد السماعيل، ص 77
خامسا: المذهب الظاهري
وإمامه ابن حزم رحمه الله (ت456هـ)
وله كتاب المحلى بالآثار. ولا نعلم كتبا في فقه الظاهرية ، في أيدي الناس اليوم : سوى "المحلى" .
والله أعلم.