أرغب في التقدم للحج ، ولكن شركات السياحة أو الجمعيات الخيرية أو قرعة الداخلية لا تعلن عن السعر النهائي المطلوب إلا بعد ظهور نتيجة القرعة ، وتشترط دفع مقدم من كل حاج من 5 إلى 30 ألف جنيها على أن يدفع باقى المبلغ بعد تحديد السعر النهائي . والسؤال : أنى لا أعرف ما إذا كان فى استطاعتى أم لا دفع باقى المبلغ إلا بعد الإعلان عن السعر النهائي ، وإذا كان فوق استطاعتى ، وأردت الإعتذار تقوم الشركة بخصم جزء من المقدم حوالى 10 بالمئة ، فما حكم التقديم والثمن غير معلوم؟ وما حكم استطاعتى؟
الحمد لله.
أولا:
هذه مسألة عظيمة تمس الحاجة إلى بيانها، وذلك لاتصالها بهذه الفريضة الكريمة، واضطرار كثير من الراغبين في أدائها إلى الدخول في هذه المعاملة.
ولاشك أن هذه المعاملة فيها غرر فاحش، وجهالة بالثمن أو الأجرة، ومن شرط البيع والإجارة العلم بالثمن والأجرة .
ولا شك أن إسقاط نحو 10% من المقدم في حال العدول عن الحج : فيه غرر ظاهر ، وغبن للمتقدم للحج .
والذي يعلم من كلام جمهور الفقهاء هو عدم صحة هذه المعاملة، وأنه عقد فاسد لما فيه من الجهالة. وينظر: جواب السؤال رقم (202559).
وذهب بعض أهل العلم إلى صحة المعاملة إذا كان الثمن مآله إلى العلم، ولا يؤدي إلى المنازعة والاختلاف بين العاقدين، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
قال رحمه الله: "ويصح البيع بالرقم [أي : الثمن المكتوب على السلعة] ونص عليه أحمد وتأوله القاضي وبما ينقطع به السعر، وكما يبيع الناس وهو أحد القولين في مذهب أحمد.
ولو باع ولم يسم الثمن صح بثمن المثل كالنكاح" انتهى من الاختيارات ضمن الفتاوى الكبرى (5/ 387).
وقال الدكتور يوسف الشبيلي حفظه الله: " فعلى هذا القول لا تلزم تسمية الثمن في مجلس العقد، فيكفي أن يتفق العاقدان على طريقة منضبطة لتحديد الثمن.
وهذا القول رواية في مذهب الإمام أحمد، اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم -رحمهما الله- وهو قول لبعض الأحناف" انتهى من بحث "البيع والإجارة بالسعر المتغير" ص 7، ضمن أبحاث الدورة الثانية والعشرين لمجمع الفقه الإسلامي.
فإذا كانت الجهالة مآلها إلى العلم، ولم تؤد إلى النزاع، فلا حرج في المعاملة عند شيخ الإسلام رحمه الله.
وهذا القول هو الذي يسع الناس الآن في بلد السائل، وإلا لتعطل عليهم الذهاب للحج، وكذلك العمرة، إذا كان في الثمن جهالة، لكن بشرط أن تكون هناك آلية لضبط هذا التغير في السعر ، كما لو قيل إن ثمنها 10 آلاف، لكن إن زاد سعر العملة، دفع المعتمر الفرق.
لكن لا ينبغي أن يقدم على هذا إلا من غلب على ظنه أن الثمن سيكون في استطاعته، حتى لا يضطر للعدول وخسرانه جزء مما دفعه مقدما.
ثانيا:
أما ما يتعلق بالاستطاعة، فإن المعوّل عليه غلبة الظن، فيسأل الإنسان عن التكلفة الحالية والزيادة المتوقعة، فإن كان المجموع في مقدوره فهو مستطيع.
وإن لم يكن هذا في مقدوره، فليس مستطيعا، حتى لو كان يملك قدر التكلفة الحالية، لكن غلب على ظنه وجود زيادة يعجز عنها، فلا يجب عليه الحج، ولا ينبغي له أن يغامر حتى لا يخسر شيئا من ماله.
والله أعلم.