إذا قرأ في الصلاة (أليس الله بأحكم الحاكمين) فهل يقول "بلى" ؟
هل يعتبر قول " بلى " في الصلاة بعد قول الله تعالى أليس الله بأحكم الحاكمين أو غيرها من الكلام المبطل للصلاة ؟
الجواب
الحمد لله.
أولاً :
كان الكلام في الصلاة مباحاً فكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يردون السلام وهم
في الصلاة ، ثم نهوا عن ذلك ، وأجمع العلماء على تحريم الكلام في الصلاة وبطلان صلاة
من فعل ذلك عالِماً عامداً .
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : كنَّا نسلِّم على النبي صلى الله عليه وسلم
وهو في الصلاة فيرد علينا ، فلما رجعنا من عند النجاشي سلمنا عليه فلم يرد علينا ،
وقال : إن في الصلاة شغلاً . رواه البخاري (1141)
ومسلم ( 538 ) .
وعن زيد بن أرقم قال : كنا نتكلم في الصلاة يكلم الرجل صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة
حتى نزلت وقوموا لله قانتين فأُمرنا بالسكوت ونُهينا عن الكلام .
رواه البخاري ( 1142 ) ومسلم – واللفظ له -
( 539 ) .
قال النووي :
"قوله تعالى : وقوموا لله قانتين قيل : معناه : مطيعين ، وقيل : ساكتين .
قوله : " أمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام " : فيه دليل على تحريم جميع أنواع كلام الآدميين،
وأجمع العلماء على أن الكلام فيها عامداً عالماً بتحريمه بغير مصلحتها وبغير إنقاذها
وشبهه مبطل للصلاة" اهـ .
" شرح مسلم " ( 5 / 27 )
.
ثانياً :
قال النووي في آداب قراءة القرآن :
"فصل في آداب تدعو الحاجة إليها
منها : إذا قرأ قوله تعالى : ( إنَّ الله ومَلاَئِكَتِهِ يُصلونَ عَلى النَّبي ) يستحب
له أن يقول : صلى الله عليه وسلم تسليماً.
ومنها : إذا قرأ : (أليسَ الله بَأحكمِ الحَاكِمين ) (أَليسَ ذَلِكَ بقَادرٍ عَلى أنْ
يُحيي الموْتَى ) يُستحب أن يقول : بلى وأنا على ذلك من الشاهدين، وإذا قرأ: ( فَبِأَيِّ
حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُون ) قال: آمنت بالله . . . وهذا كله مستحب أن يقوله القارئ
في الصلاة وغيرها . اهـ باختصار.
وقد وردت بعض الأحاديث بذلك بعضها صحيح وبعضها فيه ضعف .
روى أبو داود (884) عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ قَالَ : كَانَ رَجُلٌ يُصَلِّي
فَوْقَ بَيْتِهِ ، وَكَانَ إِذَا قَرَأَ : (أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ
الْمَوْتَى) قَالَ : سُبْحَانَكَ فَبَلَى . فَسَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ : سَمِعْتُهُ
مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . صححه الألباني في صحيح أبي
داود .
وعن إسماعيل بن أمية سمعت أعرابيا يقول سمعت أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم من قرأ منكم والتين والزيتون فانتهى إلى آخرها أليس الله بأحكم الحاكمين
فليقل : بلى وأنا على ذلك من الشاهدين ، ومن قرأ لا أقسم بيوم القيامة فانتهى
إلى أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى فليقل : بلى ، ومن قرأ والمرسلات فبلغ
فبأي حديث بعده يؤمنون فليقل : آمنا بالله .
رواه أبو داود ( 887 ) . وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (3/397-399) :
"لو قرأ القارئ : ( أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى ) فله
أن يقول : بلى ، أو سبحانك فبلى ، لأنه ورد فيه حديث عن النبي عليه الصلاة والسلام
، ونص الإمام أحمد عليه ، قال الإمام أحمد : إذا قرأ : ( أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ
عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى ) في الصلاة وغير الصلاة قال : سبحانك فبلى ، في فرض
ونفل .
وإذا قرأ : ( أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ ) فيقول : سبحانك فبلى .
وإذا قرأ : ( أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ ) يقول : لا إله إلا الله" اهـ باختصار وتصرف .
وبهذا يتبين أن هذا الكلام ليس من الكلام المحرم في الصلاة المبطل لها ، وإنما يحرم
في الصلاة كلام الناس كما قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ هَذِهِ
الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ )
رواه مسلم (537)
.
قال النووي : "مَعْنَاهُ : لَا يَصْلُح فِيهَا شَيْء مِنْ كَلَام النَّاس وَمُخَاطَبَاتهمْ"
اهـ .
والله أعلم.