الحمد لله.
لا يجوز بيع راتب التقاعد بالنقد أو بالعروض، لما في ذلك من الربا أو الغرر.
فالصورة الأولى وهي بيع هذا الراتب مقابل نقد، ربا محرم، لأنه بيع نقد بنقد متأخر متفاضل، فهو جامع لربا النسيئة والفضل، مع الجهالة والغرر لأن مجموع الراتب لا يدرى كم هو، فقد ذكرت أنه يبقى للأبد!
والصورة الثانية وهي بيع الراتب بعرض كسيارة مثلا، فيه غرر وجهالة؛ لما قدمنا من جهالة مجموع الرواتب التي سيتم بيعها، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر، كما روى مسلم (1513) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ) .
ولهذا اشترط الفقهاء لصحة البيع: العلم بالمبيع. والمبيع هنا مجهول.
وفي "الموسوعة الفقهية" (30/ 224): " يشترط في المحل [أي محل العقد] أن يكون معينا ومعروفا للعاقدين , بحيث لا يكون فيه جهالة تؤدي إلى النزاع والغرر. ويحصل العلم بمحل العقد بكل ما يميزه عن الغير من رؤيته أو رؤية بعضه عند العقد , أو بوصفه وصفا يكشف عنه تماما , أو بالإشارة إليه.
وهذا الشرط متفق عليه عند الفقهاء في عقود المعاوضة في الجملة فلا يجوز بيع شاة من القطيع مثلا ، ولا إجارة إحدى هاتين الدارين , وذلك ; لأن الجهالة في محل العقد: (المعقود عليه) تسبب الغرر، وتفضي إلى النزاع.
وفرق بعض الفقهاء في هذه المسألة بين الجهالة الفاحشة - وهي: التي تفضي إلى النزاع - وبين الجهالة اليسيرة - وهي: التي لا تفضي إلى النزاع - فمنعوا الأولى وأجازوا الثانية " انتهى.
وأيضا، فهذا الراتب في حكم الدين للموظف، ولا يجوز بيع الدين لغير من هو عليه.
قال في شرح منتهى الإرادات : " و (لا) يصح بيع دينٍ مطلقا (لغيره) ، أي غير من هو عليه; لأنه غير قادر على تسليمه، أشبه الآبق" انتهى.
فالحاصل تحريم بيع راتب التقاعد مطلقا.
والله أعلم.